العصر الذهبي للامبراطورية المصرية القديمة-ج1

العصر الذهبي للامبراطورية المصرية القديمة: عصر الفاتحين العظماء: (1580 – 1085 ق.م) خلال الأسرة 18 والاسرة 19 والعشرون، وتأسست الدولة الحديثة على يد الملك أحمس الاول الذي طرد الهكسوس من مصر، وأعاد المملكة المصرية إلى فترة من أعظم الفترات في التاريخ المصري القديم، وقد عاشت مصر في ظل هذه الفترة عصرها الذهبي، حيث امتدت حدودها من السودان الشمالي حتى سوريا وفلسطين ما جعلها تسمى بالإمبراطورية التي أقيمت في عهد تحتمس الثالث، ونسترجع كيف كانت البدايات، حيث رأينا في المقال السابق أنه في نهاية عهد الأسرة 13 إنقسمت مصر إلى ثلاثة ممالك رئيسية هي:

ثم تمكن أمراء طيبــــة من تحرير وطنهم بفضل رجال مخلصين مثل سقنن رع وهو أول من بدأ القتال الفعلى لطرد الهكسوس من مصر وقتل في إحدى المعارك واستكمل من بعده ابنيه كامس ثم أحمــس، ونستعرض فيما يلي التاريخ السيــــاسي والحضــــــاري للدولة الحديثة:

الأسرة الثامنة عشرة 1550-1292 ق.م.

أحمس الأول: 1550 –1525 ق.م، بطل التحرير..

يُنظر إلى أحمس الأول على أنه مؤسس الأسرة 18، فقد واصل حملات والده سقنن رع وأخيه كاموس، واستطاع في العام العاشر من حكمه أن يدمر معقل الهكسوس في أفاريس في شرق الدلتا، وواصل أحمس حملته في بلاد الشام، موطن الهكسوس، لمنع أي غزو مستقبلي لمصر، وأجبرهم على الفرار إلى ما وراء الحدود الشرقية في جنوب فلسطين؛ وبذلك إستطاع توحيد البلاد مرة أخرى وعاد الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد، وبدأت مصر عهدا جديدا هو عهد الدولة الحديثة.

ثم شن أحمس حملته جنوبا حتى بوهين في النوبة شمال السودان. ولإدارة الأراضي المستعادة، أنشأ وظيفة جديدة مشرفة على الأراضي الأجنبية الجنوبية، والتي احتلت المرتبة الثانية بعد الوزير. مُنح شاغل الوظيفة اللقب الشرفي ابن الملك في كوش، مما يشير إلى أنه كان مسؤولاً بشكل مباشر أمام الملك كنائب.

وأدركت مصر أهمية القوة العسكرية لحماية البلاد، فتم إنشاء جيش قوى لتكوين إمبراطورية عظيمة امتدت من نهر الفرات شرقاً إلى الشلال الرابع على نهر النيل جنوباً، وأصبحت مصر قوة عظمى، وصارت بذلك إمبراطورية عظيمة مترامية الأطراف وأقدم إمبراطورية في التاريخ. لقد حاز ملوك وملكات الأسرة 18 شهرة عالمية في ميادين السياسة والحرب والثقافة والحضارة والدين..

بعد توليه الحُكم، تمردت النوبة ضد الحكم المصري فقام  بحملات وقاتل شخصيًا في المعركة، وقتل الملك النوبي، وبعد أن توسعت حدود ملك تحتمس الأول، قام بالاحتفال بما حققه من انتصارات وقام بتجديد  معبد آمون وبنى فيه قاعة فسيحة،  وأقام مسلتين أمام البوابة الرابعة في معبد آمون لا تزال إحدهما قائمة بمعبد الكرنك، وقد صُنعتا من الجرانيت الذي أحضره تحتمس من مصر العليا محملا على قارب طوله حوالي 60 مترا وعرضه حوالي 22 مترا ويحمل كتلتان هائلتان من الجرانيت تبلغ كل منهما حوالي 22 متر طولا ومترين حول القاعدة وتزن حوالي 143 طن، كما شيد الصرحان الرابع والخامس في معبد الكرنك.

تحتمس الثاني: 1492 –1479 ق.م، حكم بعد ابية وكان ضعيف الشخصية، وكان مريضاً في نفس الوقت، وكانت تشاركة في الحكم زوجته حتشبسوت والتي كانت في الحقيقة هي التي تدير أمور الدولة، وتحكم البلاد باِسمه من وراء ستار، وكانت صاحبة الأمر والنهي، مات تحوتمس الثاني عام 1501 ق.م.

حتشبسوت: 1478 –1457 ق.م هي خامس ملوك الأسرة 18، ويعتبرها علماء المصريات واحدة من أنجح ملوك المصريين القدماء، وكانت حتشبسوت الابنة الكبرى والوريث الوحيد للملك تحوتمس الأول، لكن تقاليد البلاط ودسائس الكهنة بدأت تتدخل في الأمور لأن فكرة حكم امرأة ووضع جميع السلطات في يدها كان أمراً على غير هواهم؛ لهذا السبب كان من المحتم أن تتزوج حتشبسوت من أخيها غير الشقيق (تحتمس الثاني)، ويشترك معها في الحكم، وكان يريد أن يمنح ابنه (تحوتمس الثالث) من زوجة أخرى، حق تولي العرش من بعده، ثم مات تحوتمس الثاني عام 1501 ق.م.، وجمعت حتشبسوت حولها مناصرين وكونت حزباً مناصراً لها، ولم يلبث هذا الحزب إلا وقتاً قليلاً حتى اشتد نفوذه، وأصبح قوياً لدرجة أن تحوتمس الثالث الذي كان صغيراً وقتها ولم تكن لديه الخبرة الكافية أصبح عاجزاً عن حكم البلاد، واضطر لإخلاء المكان لحتشبسوت.

اتسمت فترة حكم حتشبسوت بالسلام والرفاهية، وتميز عهدها بقوة الجيش ونشاط البناء والرحلات البحرية العظيمة التي أرسلتها للتجارة مع بلاد الجوار، واستطاعت مصر أن تغتني وتزدهر في عهدها، فقد أعادت فتح المحاجر والمناجم التي أهملت لفترة طويلة، وخاصةً مناجم النحاس والملاخيت في شبه جزيرة سيناء، والتي كانت قد توقفت عن العمل في فترة حكم الهكسوس.

سادس فراعنة الأسرة 18، أسس الإمبراطوريةَ الأولى في عالم التاريخ القديم؛الذي يلقِّبه مؤرخو الغرب «بنابليون» الشرق، حيث وصلت حدود مصر إلى نهر الفرات وسوريا شرقا وإلى ليبيا غربا وإلى سواحل فينيقيا وقبرص شمالا و إلى منابع النيل جنوبا حتى الجندل الرابع أو الشلال الرابع وكانت الإدارة في عهده قوية من ذوى الكفاءات العالية حيث اعطى تحتمس كل إقليم حكما ذاتيا تابعا للعرش نظرا لاتساع الامبراطورية واختلاف الأجناس وتباين الأعراف والقوانين من منطقة لأخرى، مات تحتمس وعمره 82 سنة بعد أن حكم أربعة وخمسين عاما، ولم يعرف تاريخ مصر ملكا بكى عليه المصريون وحزنوا عليه حزنا شديدا مثل ما حدث مع تحتمس الثالث.

معركة مجدو: كانت بين الجيش المصري تحت قيادة الملك “تحتمس الثالث” ضد ائتلاف كبير من المتمردين الكنعانيين تحت قيادة ملك “قادش” (سوريا حاليا) الذين تحالفوا مع الميتانيين والعموريين من منطقة بلاد الرافدين، وانضم إلى التحالف ملك مجدو صاحب القلعة القوية أيضا، وخرج إليهم تحتمس الثالث على رأس جيشه إلى ارضهم وتعامل مع التهديد بنفسه، وانتهت المعركة بانتصار المصريين وهزيمة قوات الكنعانيين والتي فرت إلى مدينة “مجدو” مما نتج عنه حصار مجدو الطويل، ومع إعادة تأكيد الهيمنة المصرية في الشام، وفي عهد تحتمس الثالث وصلت الإمبراطورية المصرية إلى أقصى توسع لها.

أمنحوتب الثاني: 1427-1401 ق.م. حاول أمنحوتب الثاني الاحتفاظ بالإمبراطورية الآسيوية التي امتلكها والده وذلك باستخدام القسوة في سحق أي تمرد، ففى السنة الثالثة لحكمه أرسل حمله إلى بلاد تخسي في شمال سوريا وكانت أول الحروب التي شنها على آسيا، وفى العام التاسع لحكمه أرسل حملة ثانية إلى شمال فلسطين لإخماد ثورة قامت فيها فهزم أهلها هزيمة نكراء، وأخذ منهم أسري يقدر عددهم بتسعين ألف أسير، ووصل بجيشه إلى نهر الفرات بالعراق، ونتيجة لانتصاراته أسرع إليه أمراء آسيا محملين بالهدايا ومقدمين فروض الولاء والطاعة

  • شهدت الدولة الحديثة ثورة دينية على التقاليد السابقة حيث تعدّدت الآلهة مثل أمون، وإيزيس، واوزوريس إلا أن عبادة أمون كانت الأكثر شعبية، وجاءت أول دعوة للتوحيد على يد أمنحتب الرابع الذي ترك عبادة أمـــون ودعا إلى عبادة إله واحد هو أتـــون ورمز له بقرص الشمس وفرض عبادة الإله أتـــون، وأطلق على نفسه لقب (اخناتون) ونقل العاصمة من طيبة إلى العاصمة الجديدة التي أنشأها في مصر الوسطى وأسماها “اخيتاتون” بتل العمارنة.
  • تزوج إخناتون بالملكة نفرتيتي التي كانت تشاركه الفكر في عبادة آتون وتظهر معه في الاحتفالات الدينية وترافقه في كل مشاهده.

وبكدة نكون وصلنا لنهاية حلقتنا النهاردة
في الحلقة القادمة والي هنتحدث فيها عن  الجزء الثاني من العصر الذهبي للامبراطورية المصرية فانتظرونا.
والسلام عليكم ورحمة الله.

المراجع:

Exit mobile version