تاريخ حضارات العراق القديم-ج1

تاريخ حضارات العراق القديم: يكاد يجمع الباحثون في تاريخ الحضارات البشرية على أن فجر الحضارة قد بدأ في العراق بحدود سنة 5000 ق.م.، حضارة ساهمت في بنائها جميع الاقوام السومرية والاكدية والبابلية والاشورية وغيرها، حـيث ظهرت البدايات الأولى لكثير من المظاهر الحضارية المهمة، حين عاش سكان بلاد الرافدين في القرى وزرعـــــوا الأرض ودجنوا الحيوانات، وصنعوا الفخار وشيدوا البيوت وبرعوا في فن النحت والحياكة، وفي الالف الثالث قبل الميلاد تبلورت تلك المظاهر الحضارية ونمت وتطورت حتى إزدهرت خلال الالفين الثاني والأول قبل الميلاد.

  1. العصر السومري الأول ” عصر دويلات المدن”: استمر لمدة 6 قرون من (2,900 –2,350 ق.م.)

ويعرف أيضا بعصر فجر السلالات، واتفق أغلب العلماء المختصين أن السومريين هم أول من سكن العراق، ولا يعرف أصلهم ولا من أين جاءوا، شهدت البلاد الاستقرار الحضاري على ضفاف نهري دجلة والفرات في الالف الرابعة قبل الميلاد، وبدأت أولى مدن العالم بالظهور ضمن تجمعات حضرية كبيرة كانت تعتمد على ترتيبات إدارية متطورة للتنمية والمحافظة على البقاء، فبنى السومريون مجموعة المدن المستقلة، وكان لكل مدينة حاكم مستقل لتلك المدينة الصغيرة، كان من بين هذه المدن المبكرة مدينة الوركاء “أوروك القديمة” مدينة كلكاش وانكيدو ا ومدينة أور التي خرج منها ابراهيم الخليل u في زمن التوحيد، في أقصى بلاد الرافدين جنوباً وغيرها من المدن مثل: لكش، أوما، كيرسو، كيش، وإيسن ولارسا، وكان ذلك في فترة العصر البرونزي الوسيط، وبجانب التحضر في إقامة المدن كان هناك تنامي في الاقتصاد وتنافس بين المدن وبعضها، خلق نوع من الابداع فأخترعوا الكتابة السومرية وأنظمة الري والقصور والمعابد مثل الزقورات وكانت دول المدن هي أول أشكال الحضارة في العراق.

تمكن سرجون الاكادي – أو سرجون الاول (2334-2316 ق.م.) من توحيد جميع المدن العراقية تحت راية دولة مركزية واحدة، وأسس مدينة أكاد واتخذها عاصمة له، وكان ذلك في العصر البرونزي المتأخر، وغير سرجون الأساليب المتبعة لادارة شئون المملكة، واتبع الملوك الاكيين سياسة مركزية محكمة وقسموا دولتهم المترامية الأطراف إلى مقاطعات يحكم كل منها حاكم يعتمد على ولائة للملك وينفذ سياساته، وأزالوا الاسوار حول المدن السومرية صغيرة المساحة، فلم يعد لها حاجة طالما كانت المدينة ضمن حدود الدولة، وحتى لا تشجع الاسوار حاكم أي مدينة على التمرد على الدولة، وخلفة 4 ملوك أهمهم حفيده نارام سين (2,254-2,218 ق.م.) الذي اتسعت الإمبراطورية الاكيدية في عهدة لأقصى إتساع، وبدأ معه نزوع الحكام إلى ادعاء الإلوهية لأنفسهم، وبعد وفاة الإمبراطور الأكدي نارام سين نشبت صراعات داخلية بين الأكديين.

في نهاية المطاف، أطاح أوتو حيكال، من أوروك، بالجوتيين، وتنافست مختلف دول المدن على السلطة من جديد. وانتقلت السيطرة على المنطقة في نهاية المطاف إلى دولة مدينة أور، عندما أسس الأمير أور نامو في مدينة أور جنوب العراق، وتُعرف سلالة أور باسم حقبة أور الثالثة وهي آخر حقبة من التاريخ السومري، وقد ضمت نفس الأقاليم التي ضمتها الدولة الاكدية، وبلغ عدد ملوكها خمسة ملوك، واشتهرت هذه السلالة بتعمير البلاد وإعادة اللغة السومرية للتداول بعد أن نافستها اللغة الأكدية، وتقديم الآلهة السومرية القديمة على غيرها من الآلهة وإقامة الشعائر الدينية السومرية القديمة (الوثنية)، وتقدمت الحضارة تقدمًا ملحوظًا وانتشرت المعارف بمختلف نواحيها من علوم وآداب وفنون، ونالت أور القسط الوافر من العناية حتى أصبحت قبلة الشرق القديم، ثم ضعفت الدولة وفي عهد إبي سين (2027 – 2006 ق.م) آخر ملوك سلالة أور الثالثة، وقد حكم 25 سنة قضاها في قمع الفتن وإيقاف زحف شعوب العموريين والعيلاميين وكانت الضربة القاضية من العيلاميين إذ تقدموا بجيوشهم الجرارة إلى أور وخربوها تخريباً كاملاً وأسروا ملكها، وانهوا حضارة سومر للابد.

بعد سقوط أور وانتهاء عصر سلالة أور الثالثة، هاجر كثير من السومريين شمالًا. ولم تعد اللغة السومرية مستخدمةً في الكلام رغم استمرار استعمالها في الكتابة، فقد حل محلها الأكدية الساميّة، وبلغت الحضارة السومرية نهايتها، لكن إرثها ما زال حيًا في العديد من مجالات الحضارة، ومنها أمور نعدها بديهية، مثل تقسيم اليوم إلى 24 ساعة.

 وطد الأموريون حكمهم للبلاد، ومع ذلك هاجر أكثرهم جنوبًا بسبب سقوط أور تزامنًا مع مجاعة قاسية نتجت عن التغير المناخي وإنهاك الأرض الزراعية. ويُعتقد أن إبراهيم كان من بين هؤلاء الأموريين المهاجرين، فترك أور ليستقر في أرض كنعان.

حمورابي قائد غير التاريخ ووضع أول قانون في التاريخ:

  • أسس الملك حمورابي إمبراطورية ضخمة بعد إنتصاره على كل الممالك من حوله، وقام باتباع سياسة مركزية تعتمد على سلطته دون أي تدخل من قبل الكهنة.
  • أختار أكثر الناس كفاءة وعينهم حكام للمدن والأقاليم المختلفة، وكلفهم بإدارة شؤون إقاليمهم لحفظ الأمن والاستقرار والإشراف على تنفيذ المشاريع العامة والمحافظة على أمن وسلامة طرق المواصلات إضافة إلى مسؤوليته المباشرة عن إدارة المقاطعات والأراضي الملكية.
  • عمل حمورابي على إعادة تأهيل الطرق القديمة وبناء طرق جديدة وتوسيع قنوات الري، مما ساعد على زيادة الرقعة الزراعية وحمت الناس من الفياضانات.

نشأت الحضارة الاشورية في شمال العراق بالقرب من ضفاف نهر دجلة، ونسبت إلى عاصمتها مدينة آشور، وهي واحدة من المدن الأكادية في بلاد ما بين النهرين، ونازعوا الكشيين زعامة البلاد السياسية، وينقسم تاريخ آشور إلى ثلاث فترات هــــــــي:

الفترة الآشورية المبـــــــــــكرة (2,600-2,025 قبل الميلاد). في تلك الفترة كان الملوك الآشوريون قادة رعاة، وكان المنافسين الرئيسيين والجيران أو الشركاء التجاريين لأوائل الملوك الآشوريين هم الحثيين في شمال الأناضول، وعيلام إلى الجنوب الشرقي “ما يعرف الآن جنوب ووسط إيران”، والأموريين إلى الغرب فيما يعرف اليوم بسوريا، ورفاقهم في المدن السومر-أكدية في جنوب بلاد ما بين النهرين مثل آيسن، كيش، أور، إشنونونا ولارسا.

نافست الإمبراطورية الآشورية الحديثة كل من بابل وأورارتو وعيلام ومصر القديمة على زعامة العالم القديم، وكانت الأمة الأقوى في منطقة الشرق الأوسط في ذلك الزمان، وكانت آشور في الأصل مملكة اكدية والتي تطورت في الفترة من القرن 25 ق.م إلى القرن 24 ق.م.

وبلغت الإمبراطورية الآشورية أوج قوتها مع القرن السابع، وحكمت الإمبراطورية الآشورية ما يعرف في ديانة بلاد ما بين النهرين القديمة باسم “أركان العالم الأربعة”: من أقصى شمال جبال القوقاز داخل أراضي ما يسمى اليوم أرمينيا وأذربيجان، حتى الشرق مثل جبال زاغروس داخل أراضي إيران الحالية، إلى أقصى الجنوب المتمثل بالصحراء العربية في المملكة العربية السعودية الحالية، وإلى أقصى الغرب من جزيرة قبرص في البحر الأبيض المتوسط، وحتى إلى الغرب في مصر وشرق ليبيا، ومن أشهر ملوكها:

الملك سرجون الثاني: حكم في الفترة من: 727 – 705 ق.م

آسر حدون: حكم في الفترة من (680 – 669 قبل الميلاد) وهو حفيد سرجون الثاني، تمكن من فرض هيبته على الساحل السوري توجه إلى مصر وتمكن من هزيمة طهارقة سنة 671 ق.م.، وهو أحد الملوك الكوشيين وخامس ملوك الأسرة الخامسة والعشرين التي حكمت مصر، وهرب طهارقة من منف إلى الجنوب تاركا عائلته الملكية التي أُسرت وأُرسلت إلى آشور مع ثروة كبيرة من منف، وترك الاشوريين حامية في مصر ورجعوا لبلادهم، وظلت دلتا مصر تابعة للاشوريين حتى قام إبسماتيك الأول (حكم مصر من 664-610 ق.م) بتوحيد مصر من جديد وطرد الآشوريين.

آشوربانيبال: حكم في الفترة من: 668-626ق.م.

يعدّ من أكثر ملوك هذا العهد ثقافة فقد أغرم بالأدب والمعرفة فجمع الكتب من أنحاء البلاد وخزنها في دار كتب وطنية خاصة شيّدها في عاصمته نينوى جمع فيها مختلف أصناف العلوم والمعارف التي بلغتها حضارة العراق والتي عّرفتنا بنواحي الحضارة العراقية القديمة المختلفة.

أشور أوباليت الثاني: حكم من 612-609 ق.م. وهو آخر ملوك الإمبراطورية الآشورية الحديثة، حيث إنحصر حكم الإمبراطورية الاشورية في مدينة نينوى.

تابعنا في المقال القادم لنتعرف على الإمبراطورية البابلية الثانية وعصر نبوخذ نصر والسبي البابلي الاول والثاني لليهود.

Exit mobile version