النهضة العلمية في عصر المماليك

النهضة العلمية في عصر المماليك: العلوم الهندسية والطبية وغيرها
رغم أن العصر المملوكي (1250-1517م) كان معروفًا بقوته العسكرية، إلا أنه شهد أيضًا نهضة علمية مزدهرة، حيث اهتم السلاطين والعلماء بتطوير الهندسة، والطب، والفلك، والرياضيات، والكيمياء. لعبت المؤسسات العلمية مثل المدارس، والبيمارستانات، ودار الحكمة، والمراصد الفلكية دورًا رئيسيًا في هذه النهضة.
أولاً: ملامح النهضة العلمية في عصر المماليك
1. دعم السلاطين للعلم والعلماء
- سلاطين المماليك، مثل الظاهر بيبرس والناصر محمد بن قلاوون، شجعوا العلماء واحتضنوا المدارس والمراكز العلمية.
- تم إنشاء العديد من المدارس، الجوامع، والزوايا التي أصبحت مراكز تعليمية مرموقة، خاصة في القاهرة ودمشق 1.
2. إحياء الخلافة العباسية في القاهرة
- بعد سقوط بغداد على يد المغول، أعاد المماليك إحياء الخلافة العباسية بشكل رمزي في القاهرة، مما منحها مكانة دينية وعلمية كبيرة.
3. ازدهار التأليف والموسوعات
- ظهرت موسوعات ضخمة في الفقه، اللغة، التاريخ، والعلوم، مثل:
- لسان العرب لابن منظور
- نهاية الأرب للنويري
- صبح الأعشى للقلقشندي
- النجوم الزاهرة لابن تغري بردي
4. دور الأوقاف في دعم التعليم
- الأوقاف الإسلامية كانت مصدرًا رئيسيًا لتمويل المدارس والمكتبات، مما ساعد على استمرارية التعليم المجاني للطلاب، وتوفير السكن والكتب.
5. تنوع العلوم وتخصصاتها
- شملت النهضة علوم الدين، اللغة، الفلك، الطب، الفلسفة، والمنطق.
- برز علماء مثل ابن تيمية، ابن حجر العسقلاني، السيوطي، والشعراني.
6. مصر كمركز علمي عالمي
- بعد تراجع الأندلس والعراق، أصبحت القاهرة مركزًا للعلماء من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وورثت مكانة بغداد العلمية.
ثانياً: العلوم الهندسية والمعمارية
تميز المماليك بإنشاء العمارة الإسلامية المتطورة، خاصة في تصميم المساجد، والمدارس، والقلاع، والجسور، وقنوات المياه. ومن أبرز إنجازاتهم:
الابتكارات الهندسية المملوكية
نظام القنوات المائية والسقايات: استخدم المماليك الهندسة الهيدروليكية لإنشاء الأسبلة (المرافق المائية العامة) لتوفير المياه للسكان.
القباب والأقبية المعمارية: شهد العصر المملوكي تطورًا في تصميم القباب، مثل قبة مسجد السلطان قلاوون، والتي استخدمت تقنيات مبتكرة في الإنشاء.
الأسبلة والمآذن: تمتاز المآذن المملوكية بتصميمات متعددة الأضلاع وزخارف هندسية متقنة.
الجسور والقلاع: مثل قلعة قايتباي في الإسكندرية، التي استخدمت تصميمًا هندسيًا معقدًا لتحصين السواحل.
أبرز المهندسين والعلماء في الهندسة
ابن البنّاء المغربي: عالم رياضيات وهندسة، برع في حسابات البناء وتصميمات المنشآت.
ابن المجدي (1366-1447م): برع في الهندسة التطبيقية وعلم الميقات (قياس الزمن).
المؤيد الشيرازي: ساهم في تطوير العمارة المملوكية وأشرف على تصميمات المساجد والمآذن.
ثالثاً: العلوم الطبية والصيدلانية
شهد العصر المملوكي نهضة في الطب والجراحة والصيدلة، وكان للأطباء والصيادلة دور كبير في تطوير العلاج، خاصة مع انتشار الأوبئة والطاعون.
البيمارستانات المملوكية
بيمارستان المنصوري (القاهرة): أنشأه السلطان قلاوون، وكان من أهم المستشفيات في العالم الإسلامي، مزودًا بأقسام للجراحة والعيون والأمراض الباطنية.
بيمارستان المؤيد شيخ: تميز بأساليب علاجية متطورة، واحتوى على مكتبة طبية ضخمة.
إنجازات الطب والصيدلة
الجراحة: تطورت جراحة العيون، والأسنان، وعلاج الكسور.
الأدوية والعقاقير: كان الصيادلة يجمعون النباتات الطبية ويعدّون موسوعات طبية للعلاج بالأعشاب.
الوقاية من الأوبئة: وضع الأطباء المملوكيون نظريات حول مكافحة الطاعون وتحسين الصحة العامة.
أشهر العلماء في الطب والصيدلة
علاء الدين بن النفيس (1213-1288م): مكتشف الدورة الدموية الصغرى، وأحد أبرز علماء الطب.
داوود الأنطاكي: طبيب وصيدلي، وضع كتاب “تذكرة أولي الألباب والجامع للعجب العجاب” في الطب والأعشاب.
ابن أبي أصيبعة: ألف كتاب “عيون الأنباء في طبقات الأطباء” الذي يُعد من أهم المراجع الطبية.
رابعاً: العلوم الفلكية والرياضيات
كان للمماليك اهتمام كبير بالفلك والرياضيات، حيث أنشأوا المراصد الفلكية وطوروا حسابات التقويم الإسلامي، مما ساعد في ضبط أوقات الصلاة ورؤية الهلال.
إنجازات الفلك والرياضيات
إنشاء مراصد فلكية في القاهرة ودمشق.
تحسين تقويم ضبط مواقيت الصلاة من خلال حسابات دقيقة لحركة الشمس والقمر.
الاهتمام بالأجهزة الفلكية مثل الأسطرلاب.
أشهر العلماء في الفلك والرياضيات
ابن المجدي: عالم رياضيات وفلك، برع في حسابات التقويم الإسلامي.
ابن الشاطر (1304-1375م): عالم فلك طور نماذج حركة الكواكب، وتأثيره واضح في أعمال كوبرنيكوس لاحقًا.
شمس الدين الخليلي: عالم رياضيات وفلكي، وضع حسابات دقيقة للأهلة والتوقيتات الشرعية.
خامساً: علوم الكيمياء والفيزياء
لم يكن اهتمام المماليك مقتصرًا على الهندسة والطب، بل برعوا أيضًا في الكيمياء والفيزياء، وخاصةً في مجالات صناعة المعادن، والزجاج، والعطور.
إنجازات الكيمياء والفيزياء
استخدام التقطير في صناعة العطور والأدوية.
تحليل المعادن وتطوير صناعة الأسلحة.
إنتاج الأحبار والدهانات بألوان ثابتة للزخرفة الإسلامية.
أشهر العلماء في الكيمياء والفيزياء
جمال الدين المارديني: عالم كيمياء وصيدلة، وضع أبحاثًا حول الأعشاب الطبية.
الجلدكي: عالم كيمياء، اهتم بتقنيات التقطير والتفاعلات الكيميائية.
الخاتمة
شهد العصر المملوكي ازدهارًا علميًا كبيرًا في بدايته في مجالات الهندسة، والطب، والفلك، والرياضيات، والكيمياء، حيث ساهم العلماء المماليك في تطوير العمارة الإسلامية، والعلاج الطبي، والعلوم الفلكية. لا تزال إنجازاتهم محفورة في تاريخ الحضارة الإسلامية، وتشكل مصدر إلهام للعلماء حتى اليوم.
لكن الدولة المملوكية، رغم ازدهارها العلمي والثقافي في مراحلها الأولى، شهدت تراجعًا تدريجيًا في العلوم والابتكار خلال فترتها الأخيرة، وانتهى الامر بهزيمتهم في معركة مرج دابق وزوال دولتهم عام 1517م.
ما هو العلم الذي تعتقد أنه كان الأكثر تأثيرًا في العصر المملوكي؟ شاركنا رأيك في التعليقات!
برأيك، هل كان يمكن للمماليك إنقاذ دولتهم لو طوروا علومهم وأسلحتهم؟ شاركنا رأيك!
وبكدة نكون وصلنا لنهاية حلقتنا النهاردة عن: النهضة العلمية في عصر المماليك
تابع الحلقة السابقة عن: كيف غيّر العلماء المسلمون وجه التاريخ؟.
المراجع:
للحصول على مزيد من المعلومات برجاء متابعى على المنصات التالية:
الفيسبوك: https://www.facebook.com/profile.php?id=100088893776257
اليوتيوب: https://www.youtube.com/@ashrafrashad8031
التيك توك:https://www.tiktok.com/@ashraf.r1
الانستاجرام:https://www.instagram.com/ashraf.rashad.58/