تاريخ الاندلس السياسي

تاريخ الاندلس السياسي: كدورة طبيعية من دورات التاريخ، فإن كل دولة يكون لها مرحل تبدأ بالتأسيس ثم القوة والتمكين ثم الضعف والسقوط، وقد صنفت عهود الحكم العربي في الأندلس في 8 عصور هي: عصر الفتح، عصر الولاه، عصر الإمارة والخلافة الأموية وعصر دول الطوائف، وعصر المرابطين والموحدين، دولة بني الأحمر في مملكة غرناطة، وعصر نهاية الأندلس والعرب المتنصّرين.

  1. عصر الفتح: في عام 92 هـ711م عبر الجيش الاسلامي بقياده طارق بن زياد وبأمر من موسي بن نصير الى الاندلس بعد الانتصار علي جيش لوذريق في معركه وادي لكه، ثم أتم الجيش الاسلامي فتح كل بلاد الاندلس في الفترة من عام 711م الى 714 م.

2. عصر الولاه: الفترة من: 95 – 137 هـ  – 714 – 755 م بعد انتهاء عهد الفتح بدأ عهد جديد يسمى بعصر الولاه الذي استمر مده 42 عاما حيث كان حكم الاندلس في هذه الفترة كان يتولاه رجل يتبع الحاكم العام للمسلمين وهو الخليفه الاموي الموجود في دمشق في ذلك الوقت.

3. عصر الامـــــــــــارة: الفترة من: 138 – 316 هـ  – 756 – 929 م بعدما تمكن احد أفراد أسرة بني أمية وهو عبد الرحمن بن معاوية الملقب بعبد الرحمن الداخل “صقر قريش” من الفرار من بغداد إلي الأندلس (أسبانيا حالياً) واستطاع أن يؤسس فيها إمارة إسلامية عام 138 هـ/756م، في الأندلس وأجزاءٍ من شمال أفريقيا، وكانت عاصمتها قرطبة.

قضى عبد الرحمن الداخل سنوات حكمه في تثبيت أركان دولته، والقضاء على الثورات الداخلية التي اندلعت في كافة أرجاء الأندلس، كما عمل عبد الرحمن الداخل على تأسيس جيش قوي، والاهتمام بالتعمير والتعليم والقضاء، ليترك الأندلس لخلفائه من بعده ولاية مستقرة.

وبعد وفاة عبد الرحمن الداخل، نجح ابنه هشام الرضا، وحفيده الحكم الربضي في الحفاظ على وحدة أراضي الدولة، كما نجحا في التصدي لمحاولات الممالك المسيحية في الشمال للتوسع جنوبًا. وقد نتج عن حالة الاستقرار السياسي، أن ازدهرت حركات الآداب والعلوم والعمارة والفن في الأندلس، في عهد عبد الرحمن بن الحكم، لتبلغ الأندلس في عهده مرحلة متقدمة من المدنية، وأصبحت مركزًا حضاريًا كبيرًا في غرب العالم الإسلامي، كما تطورت الدولة أيضًا عسكريًّا؛ فنجحت في التصدي لمحاولات النورمان لغزو موانئ الأندلس بحرًا عام 230ه، وقد تحولت إلى خلافة بإعلان عبد الرحمن الناصر لدين الله نفسَه، في 316هـ/ 929م خليفةَ قرطبةَ، بدلًا من لقبه السابق أمير قرطبة، وهو اللقب الذي حمله الأمراء الأمويون منذ أن استقلَّ عبد الرحمن الداخل بالأندلس.

4. عصر الخلافــــــــــــــــــــة: الفترة من: 316  – 422 هـ – 929  – 1031 م مع تولى الأمير عبد الرحمن بن محمد الحكم عام 300هـ، استعادت البلاد وحدتها السياسية وقوتها العسكرية وهيبتها، بعد أن خاض حروبًا طويلة استطاع من خلالها استعادة السيطرة على البلاد تحت السلطة المركزية في قرطبة، بل وامتدت سلطة الأمويين إلى أجزاءٍ من شمال المغرب الأقصى، الذي تسابق أمراؤه في الدخول في ولاء الأمويين.

عبد الرحمن الناصر: أمام خطر نشأة الدولة الفاطمية في شمال أفريقية، أعلن عبد الرحمن بن محمد في عام 316هـ/ 929م نفسه خليفة على الأندلس، وتلقب بالناصر لدين الله، ليقوي مركزه الديني في مواجهة الدولة الفاطمية. وحصّن الناصر الموانئ الجنوبية للأندلس، وضم موانئ المغرب المواجهة للأندلس في مليلة وسبتة وطنجة، إضافة إلى دعم البربر المعادين للفاطميين في المغرب ماديًا وعسكريًا، وفي الوقت نفسه، استطاع عبد الرحمن الناصر لدين الله التصدي لأطماع الممالك المسيحية في الشمال.

الدولة العامرية أو عصر سيطرة الحجاب

الحاجب المنصور: أخطأ الحكم المستنصر بالله حين اختار ابنه الوحيد الطفل هشام المؤيد بالله لولاية عهده؛ حيث استغل بعض رجال الدولة كالحاجب جعفر بن عثمان المصحفي، وصاحب الشرطة محمد بن أبي عامر، صغر سنه وعدم قدرته على الحكم في سنه الصغيرة، ففرضوا على الخلافة وصاية أم الخليفة صبح البشكنجية، واستأثروا هم بكل السلطات،

ثم انفرد محمد بن أبي عامر بكل السلطات، بعد أن تخلص من كل شركائه في الحكم؛ الواحد تلو الآخر، وحجر على الخليفة الطفل، لتبقى بذلك السلطة الاسمية فقط للخليفة، وليكون الحكم الفعلي لابن أبي عامر، الذي تلقب بعد ذلك بالحاجب المنصور. ومع ذلك ففي عهد حجابته وصلت الدولة الأموية في الأندلس إلى أقصى امتداد لها.

ثم قام محمد بن أبي عامر في سنة 381هـ=991م بتعين ولده عبد الملك رئيسًا للوزراء وجعل أخاه عبد الرحمن وزيرًا، واتخذ المنصور لنفسه لقب الملك، واستبد الحجاب أولاد محمد بن أبي عامر من بعده بالسلطة الفعلية في الأندلس، وتعاقب على العرش مجموعة من الخلفاء الأمويين العاجزين عن توحيدها والمتصارعين فيما بينهم، ومرَّت دولة الأمويين في الأندلس بأجواء عاصفة، ومشحونة بالصراعات الدموية بين عناصر الأسرة الحاكمة.

وانتهى بسقوط الخلافة الأموية سنة 422هـ / 1031م. بموت آخر خلفائها المعتمد بالله سنة 422هـ، وبموته أعلن الوزير أبو محمد بن جهور انتهاء الخلافة، لعدم وجود من يستحقها، وسيحكم الدولة جماعة من الوزراء على نظام شبه جمهوري.

أسباب سقوط الخلافة الأموية في الأندلس: أدَّى التنازع بين الأمراء إلى استعانة البعض بالنصارى مقابل التنازل عن بعض الحصون والمدن الحدودية وهذا بالتأكيد أدى إلى تفكك الدولة الأموية. كما أن غياب القائد والأدارة القادرة على الحسم في الوقت المناسب، فقد كانت الأندلس في تلك الفترة بحاجة إلى قادة أمثال عبد الرحمن الداخل الذي أسس الدولة الاموية في الاندلس وإلى أمثال عبد الرحمن الناصر الذي بنى مجدها الحضاري.

5. عصر دول الطوائف: هي فترة تاريخية في الأندلس؛ امتدت من: 422  – 479 هـ – 1031  – 1086 م بعد سقوط الخلافة الأموية في الأندلس، مما شجع أمراء الأندلس لبناء دويلات منفصلة، وقسم ملوك الطوائف الدولة إلى 22 دويلة؛ منها: غرناطة وإشبيلية، وألمرية وبلنسية، وطليطلة وسرقسطة، والبرازين والبداجوز، ودانية والبليار ومورور. وبينما ورثت تلك الدويلات ثراء الخلافة، كان فيها عدم استقرار وتناحر المستمر فيما بينها، مما جعلهم فريسة لمسيحيي الشمال، ووصل الأمر إلى أن ملوك الطوائف كانوا يدفعون الجزية للملك ألفونسو السادس، وكانوا يستعينون به على بعضهم البعض.

6. عصر المرابطين و الاستنجاد بيوسف بن تاشفين: فكر ملوك الطوائف في الكارثة التي توشك أن تعصف بهم، وهي سقوط دولة الأندلس، فقاموا بعقد اجتماع يضم كافة أمراء وعلماء الأندلس، وأشار العلماء بالجهاد، وعارض الأمراء ذلك الرأي بشدة، بحجة عدم قدرتهم على الوقوف وحدهم في مواجهة القشتاليين، فاقترح العلماء مرة أخرى الاستعانة بدولة المرابطين.

معركة الزلاقة عام 479 هـ / 1086م: ويدخل يوسف بن تاشفين أرض الأندلس، ويستقبله الناس استقبال الفاتحين، ويدخل إلى قرطبة، ثم أشبيلية، ثم يعبر إلى اتجاه الشمال في اتجاه مملكة قشتالة، حتى وصل إلى الزلاقة شمال الأندلس، واستطاع أمير المسلمين يوسف بن تاشفين قائد المرابطين يسانده جيش أندلسي بقيادة المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية إلحاق هزيمة كبيرة بجيش قشتالي مسيحي بقيادة ألفونسو السادس ملك قشتالة وليون.

واستطاع المرابطون في غضون 18 شهر افتتاح مدن الأندلس كلها: غرناطة ومالقة وجيّان وقرطبة وإشبيلية وألمرية وبلنسية وبطليوس وجزر البليار، وأصبحت الأندلس تحت سلطة المرابطين، وانتهى عصر ملوك الطوائف الذي امتد لــ 57 سنة من 422هـ إلى سنة 479هـ.

أسباب سقوط دولة المرابطين: أهملوا البناء الحضاري والإدارة السياسية للبلاد، وشُغلوا بالأمور الخارجية كالجهاد عن الأمور الداخلية، وظهور روح الدعة والانغماس في الملذات والشهوات عند أواخر حكامهم، وانحراف نظام الحكم عن نظام الشورى إلى الوراثي الذي سبب نزاعًا عنيفًا على منصب ولاية العهد.

7. عصر الموحدين في الاندلس: الموحدين هم اتباع محمد بن تومرت وهم الذين حاربوا المرابطين لاكثر من 25 عاما حتى اسقطوا دولتهم العريقة عام 539هـ وورثوا مملكتهم الواسعة التى تشمل بلاد المغرب الكبير، عاد مسلمو الأندلس يطلبون النجدة من الموحدين في شمال إفريقية كما طلبوها من قبل من المرابطين،  وفي عام (543هـ= 1148م)، كانت نهاية دولة المرابطين في الأندلس، وقيام دولة الموحدين الذين استولوا على المدن الأندلسية التي كانت في يد المرابطين، وقد ساروا على نهج المرابطين في محاربة الممالك المسيحية الاسبانية وحققوا عليهم انتصارات كبيرة أهمها معركه الأرك عام 591هـ / 1195م، ثم انهزم الموحدين في معركه العقاب 609هـ / 1212م، وكانت هذه المعركة نهاية لدولة الموحدين في الأندلس، فقد سقطت المدن الإسبانية مدينة إثر أخرى في يد الصليبين.

أسباب سقوط دولة الموحدين: الترف والانغماس في الشهوات، النزاع على الخلافة، وظلمهم الفظيع للمرابطين وسفكهم للدماء واعتداؤهم على الأموال وسبيهم للنساء بدون وجه حق، فمضت فيهم سُنَّة الله في الظالمين.

8. دولة بني الأحمر في مملكة غرناطة: مملكة غرناطة في جنوب الاندلس والتى أسسها محمد بن يوسف النصري والملقب بابن الأحمر والتى ظلت أسرته تحكمها حتي سقوط الاندلس المروع عام 897 هـ

9. نهاية الممالك الإسلامية في الأندلس: هذا العصر يبدأ بعد سقوط دولة الموحدين في المغرب والاندلس حيث انفرط عقد دولة الاسلام في الاندلس وعدنا إلى عصر دول الطوائف فكل ولاية مستقلة عن باقي الولايات، الامر الذي سهل مهمه نصارى اسبانيا في الاستيلاء على معظم مدن الاندلس الكبرى.

في عام 895هـ إتحدت مملكة ليون و‌قشتالة مع مملكة أرغون، واستطاع الملك فرناندو و‌الملكة إيزابيلا شن حربا متواصله لا هواده فيها أنتهت بسقوط بلنسية وقرطبة واشبيلية ومرسية خلال فترة وجيزة، ثم سقطت دولة بني الأحمر في غرناطة ووقعت وثيقة الاستسلام في عام 897 هـ 1492م .لتبدأ بعد ذلك فصول مأساه هي الأفظع والأبشع في تاريخ اوروبا حيث قتل عده ملايين من المسلمين تحت وطأه التعذيب في محاكم التفتيش وأجبر الباقون على التنصر وطويت صفحة دولة من أعرق دول الاسلام في التاريخ الاسلامي كله.

Exit mobile version