من هم الانبياء والرسل الذين أرسلهم الله لهداية البشرية؟: تعرفنا في اللقاء السابق بـــــــــــــــــــــداية تاريخ البشرية ومن رحمته سبحانه وتعالى بالخلق أن أرسل لهم عدداً كثيراً من الأنبياء والرسل لهدايتهم وتعريفهم بالله عز وجل قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}[1]، ولم يذكر القرآن الكريم سوى خمس وعشرين نبياً ورسولاً، نؤمن بهم جميعاً. أمّا أولي العزم من الرسل فهم خمسة فقط وهم: محمد، إبراهيم، وموسى، وعيسى، ونوح عليهم جميعاً الصلاة والسلام.
ولم يرد في عدد الأنبياء والرسل الذين ورد ذكرهم في القران الكريم أو السنة النبوية خبر يعتمد عليه، فلا يعلم عددهم إلا الله، لكنهم جم غفير، قص الله علينا أخبار بعضهم قال تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ، وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ ۖ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ ۖ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا ۚ وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ}[2]، ولقد أرسل الله لكل أمة من الأمم رسول قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}[3].
زمـــن «إبراهيم» عليه السلام:
هناك تضارب كبير في الروايات حول تاريخ ولادته، ذكرت بعض الروايات أنه قد ولد في أور القريبة من بابل في عهد نمرود بن كنعان، ويعتقد أنه عاش في الفترة بين (1997- 1765 ق. م)،وحسب رواية التوراة فإن إبراهيم عليه السلام ولد سنة 1900 ق.م، ومما لا شك فيه أن علم الآثار هو علم إنسانى يقبل الشك والجدال، وليس من العلوم الدينية، ويرى فريق من الباحثين أن «إبراهيم» عليه السلام كان يعيش في نفس الوقت الذي كان يعيش فيه الملك حمورابي في بابل، وكان يعاصره الملك “سنوسرت الأول” من الأسرة الثانية عشرة في مصر.
وروايات أخرى تقول بأن أبا الأنبياء، إبراهيم عليه السلام قد دخل مصر على أيام الأسرة الثانية عشرة، وربما في عصر سنوسرت الثالث (1878- 1843 ق. م)، والأمر صعب أن نفضل رأيًا على آخر، وذلك لعدم وجود نصوص نطمئن إليها، ولعدم وجود آثار تشير بوضوح إلى تاريخ الخليل عليه السلام.
زمن يوسف عليه السلام:
يعتقد أن إسحاق ابن سيدنا إبراهيم عليهما السلام قد عاش في الفترة (1840- 1660 ق. م)، وأن يعقوب عليه السلام قد عاش في الفترة (1780- 1633 ق. م)، على أساس أنه قد ولد لإسحاق، وهو في الستين من عمره، وأنه عاش 147 سنة، وأن يوسف عليه السلام ولد عندما كان يعقوب عمره 59 سنه تقريبا، وتولى الحكم في مصر كالرجل الثاني واحضر اسرته الي ارض مصر في السنة الثانية من المجاعة تقريبا 1657 ق م. ويؤكد المؤرخ الفرنسى موريس بوكاى فى كتاب «دراسة الكتب المقدسة» أنه بعد النظر إلى كل الاحتمالات نجد أن عصر الهكسوس يتواكب مع وصول يوسف إلى مصر، ويؤكد أحمد كمال باشا أحد أوائل علماء الآثار المصريين، أن يوسف عليه السلام بيع لوزير الملك «ابيبى رع كنن» الهكسوسي، وأن هذا الملك هو الذي أطلقه من السجن وعينه أمينًا على خزائن الأرض كما جاء فى القرآن الكريم، مشيرًا إلى أن كل رجال الحكم آنذاك كانوا من الهكسوس، ومنهم العزيز، فيكون قد عاصر الأسرة الخامسة عشرة.
ولم يقص علينا الله في كتابه الكريم أخبار البعض الآخر، لحكمته البالغة جل وعلا، ويروى أن الرسل ثلاثمائة وبضعة عشر، والأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، لكن الحديث ضعيف[4]. شاهد حوار للدكتور عمر عبد الكافي حول عدد الانبياء والرسل.
والرسول أرسله الله بشرعٍ جديدٍ أو أحكامٍ ناسخةٍ لأحكامٍ سابقة، أمّا النبي فرسالته غير جديدة؛ وإنما جاء ليتمّم تبليغ شرع ورسالةٍ سابقة، ولم يأتِ في الشريعة تحديدٌ للفترة ما بين آدم ومحمد عليهما الصلاة السلام، بل ولا يعرف على وجه اليقين مقدار ما عاش آدم عليه السلام، وقيل أن آدم عليه السلام عاش الف سنة أو 936 عاماً.
وجاءت بعض الأحاديث والآثار متفرقة، ويمكن بعد جمعها الوصول إلى تقدير زمنٍي لكن ليس للفترة بأكملها، وهذه الأحاديث والآثار منها ما هو صحيح كقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ}[5]، والحديث في صحيح البخاري عن المدة بين عيسى u ونبينا محمد r قال: الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام ستمائة سنة [6].
- ومنها ما هو مختلف فيه فعن أبي أمامه الباهلي رضي الله عنه: أنَّ رجلا قال: يا رسول الله، أَنَبِيًّا كان آدم؟ قال: «نعم». قال: كم بيْنه وبيْن نوح؟ قال: «عشرة قُرُون». قال: كم بيْن نوح وإبراهيم؟ قال: «عشرة قُرُون». قال: يا رسول الله، كم كانت الرُّسُل؟ قال: «ثلاثمائة وخمسة عشر»[7].
- اختلف العلماء في تحديد القرن هل هو مائة عام أم هو الجيل، فإن كان الصحيح أنه الجيل فإن الثابت من أعمار أهل تلك الفترة هو جزء من عمر نوح وهو الذي قضاه في دعوته، ولا نعلم كم كان معدَّل أعمار بقية أهل تلك الأجيال.
- واختلف في مقدر الفترة بين موسى وعيسى عليهما السلام: قال القرطبي عن بن سعد في كتاب الطبقات عن ابن عباس قال: كان بين موسى بن عمران وعيسى بن مريم عليهما السلام ألف سنة وسبعمائة سنة، ولم يكن بينهما فترة وأنه أرسل بينهما ألف نبي من بني إسرائيل[8].
- وتبقى بعض الفترات لم ترد في تحديدها آثار، وفيما يلي ملخص لتاريخ الأنبياء والرسل والفترة التاريخية التقريبية لحياتهم وبعثتهم عليهم السلام ومكان البعثة والوفاة:
م. | اسم النبي | تاريخ ومكان البعثة | م. | اسم النبي | تاريخ ومكان البعثة |
1 | أدم | (5,800 -5,000) ق.م. الهند وقيل بجزيرة العرب، ومات بالهند وقيل في مكة. | 14 | ذو الكفل | 1,460 ق.م. سيناء بمصر، ومات في أرض التيه شمال سيناء. |
2 | إدريس | بين 4,500 – 4,000 ق.م. العراق القديم ومصر، ورفعه الله إلى السماء. أدرك إدريس من عمر آدم حوالي 208أعوام. | 15 | موسى من أولي العزم | بين 1,527 – 1,408 ق.م. سيناء بمصر، ومات في أرض التيه شمال سيناء بمصر. |
3 | نوح من أولي العزم | بين 3,900 – 2,900 ق.م. جنوب العراق، مات في زمنه معظم البشر بسبب الطوفان، ومات في مكة. | 16 | هارون | بين 1,528 – 1,408 ق.م. مصر، ومات في أرض التيه شمال سيناء بمصر. |
4 | هود | بين 2,450 – 2,320 ق.م. الأحقاف (عمان وشرق اليمن) ومات في شرق حضر موت. | 17 | داود | بين 1,041 – 971 ق.م. بعث في فلسطين، ومات في بيت المقدس بفلسطين. |
5 | صالح | بين 2,150 – 2,080 ق.م. منطقة الحجر ومات بمكة. | 18 | سليمان | بين 989 – 931 ق.م. بعث في فلسطين ومات في بيت المقدس بفلسطين. |
6 | إبراهيم من أولي العزم | بين 1,997 – 1,870 ق.م. أرض العراق، ومات في الخليل بفلسطين. | 19 | إلياس | بين 910 – 850 ق.م. بعلبك بلبنان، ورفعه الله. |
7 | لوط | بين 1,997 – 1,870 ق.م. قرية سدوم وعمورة (جنوب البحر الميت) مات بقرية صفرة بالشام. | 20 | إليسع | بين 885 – 795 ق.م. دمشق، ومات في فلسطين. |
8 | إسماعيل | بين 1,911 – 1,774 ق.م. بعث ومات في مكة. | 21 | يونس | بين 820 – 750 ق.م. بعث ومات في نينوى بالعراق. |
9 | إسحاق | بين 1,897 – 1,717 ق.م. بعث ومات في الخليل (فلسطين). | 22 | زكريا | بين 91 ق.م. – 10 م. في فلسطين، ومات في حلب. |
10 | يعقوب | بين 1,837 – 1,690 ق.م. في الشام، ومات في الخليل (فلسطين). | 23 | يحيى | ولد 1 ق.م. بفلسطين وذبح ببيت المقدس وهو في المحراب عام 33 ميلادية تنفيذاً لرغبة هيروديا من قِبل الملك هيرودوس. |
11 | يوسف | بين 1,745 – 1,635 ق.م. في مصر، ومات في نابلس بفلسطين. | 24 | عيسى من أولي العزم | ولد 2 ق.م. و33 ميلادية ولد في فلسطين، رفعه الله |
12 | شعيب | 1500 ق.م. بعث ومات فى مدين (شرق خليل العقبة). | 25 | محمد من أولي العزم | ولد بمكة عام 571 م. وتوفي عام 632 ميلادية في المدينة المنورة. |
13 | أيوب | 1500 ق.م. بعث ومات فى سهل حوران (سوريا). |
إحتـــــــرام جميـــــــع الأنبيـــــــــاء: الأنبياءَ جميعًا إخوةٌ أرسلَهم اللهُ لهداية البشرية، وإخراجها من الظلمات إلى النور، وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأنبياء جميعاً إخوة، عقيدتهم واحدة وهي توحيد الله، وشرائعهم متنوعة، فأوضح القرأن الكريم أن الدعوة الاسلامية تصديق لما جاء في الكتب السماوية السابقة، قال رسول الله : [ أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياءُ إخوةٌ لعلَّات، أمهاتُهم شتَّى، ودينُهم واحدٌ][9]، وقال r: [لا تفضلوا بين أنبياء الله][10]، ولا يعد المرء مسلمًا إلا بالإيمان بجميع أنبياء الله تعالى ورسله، الذين قاموا بتربية أتباعهم تربية عالية ربانية تليق بإيمانهم بربهم، وتعدهم للشرف العظيم الذي ينتظرهم يوم لقائه، تربية تعدهم لتحمل الأمانة مع رسولهم ثم يورثونها من بعدهم لابنائهم جيلا بعد جيل،كما عرف الصحابة بما يجب للرسل وما يجوز وما يستحيل في حق الرسل[11].
نسأله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا، اللهم زدنا علماً وانفعنا بما علمتنا انك انت العليم الحكيم
وبكدة نكون وصلنا لنهاية حلقتنا النهاردة
في الحلقة القادمة والي هنتحدث فيها عن معجزات الانبياء والمرسلين فانتظرونا.
والسلام عليكم ورحمة الله.
ملحوظة: جميع التواريخ تقريبية وخاضعة للمراجعة بناءً على اكتشافات أو تحليلات جديدة.
المراجع:
- المعارف لابن قتيبة، البداية والنهاية لابن كثير، أطلس تاريخ الأنبياء والرسل لسامى المغلوث.
[1] (سورة غافر: 78).
[2] (سورة الانعام: 83-86).
[3] (سورة النحل: 36).
[4] (روى أبو ذر -رضي الله عنه- في حديثٍ غريب: (قلت: يا رسولَ اللهِ كمِ الأنبياءُ؟ قال: مائةُ ألفٍ وأربعةٌ وعشرونَ ألفًا قال: قلت: كم الرسلُ من ذلك؟ قال ثلاثمائةٌ وثلاثةَ عشرَ جمٌّ غفيرٌ).
[5] (سورة العنكبوت: 14).
[6] (روى البخاري (3732 ) عن سلمان الفارسي).
[7] (رواه الطبراني والحاكم).
[8] (تفسير القرطبي ( 6 / 121 ).
9] (إخوة لعلات: هم الإخوة لأب من أمهات شتى. ومعنى الحديث: أصل عقيدتهم وإيمانهم واحد وهي عقيدة التوحيد، وشرائعهم متنوعة – رواه البخاري (3162).
[10] (رواه البخاري (3187)، ومسلم (4362).
[11] (وهو ما يعرف الان في علم التوحيد بالنبوات)