العمارة الرومانية
العمارة الرومانية: ورثت العمارة الرومانية كافة فنونها في العمارة والنحت والزخرفة عن العمارة الإغريقية، واستخدموا الاشكال التي ابتدعها اليونانيون، ولكن الرومان أضافوا طابعهم الخاص فأضافوا لها التوسكاني والمركب، وأسهموا في نشر الفنون، وكونوا فنا ديكتاتوريا ينتشر في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية بمعنى أن ما كان ينفذ في روما كان ينفذ في جميع ولايات الإمبراطورية. وأهم ما يميز العمارة الرومانية هو الطريق الجديد الذي انتهجته هذه العمارة بحيث إنها اتجهت إلى الاهتمام بالمباني الدنيوية عن الدينية وعن الأماكن العامة، وأيضا استخدام العقود بأشكالها المختلفة والتي اتخذت عدة أشكال جميلة.
أهم معالم ومميزات العمارة الرومانية: عبقرية الانشاء، قلة التكاليف، المرونة التامة، سهولة الوصول إلى وحدات متسعه، وقد تميز الإبداع والفن في العمارة الرومانية بالصعوبة والتعقيد الذي لم يكن ملحوظاً في العمارة الإغريقية بسبب الابتكارات المعمارية التي أنشأت عناصر معمارية جديده مثل: العقود، قبوات، والقباب جميعها باستخدام الخرسانة.
أنواع المباني الرومانية
أولاً: مباني دينية: مثل المعابد: وكانت المعابد الرومانية إما مواجهة لمصدر الضوء أو مواجهة لميدان عام وكان للموقع أهمية كبرى في التصميم واهتم الرومان بمداخل المعابد ولم يهتموا بأن يكون المعبد في موقع يسمح برؤيته من جميع الاتجاهات كما كان عند الإغريق وكانت المعابد عامة تحتوي على خلوة واحدة متسعة ورواق من الأمام، والمعابد الرومانية نوعان:
المعابد ذات المسقط الافقي المستطيل: كانت مثل المعابد الاغريقية ولكن حصل لها تطور مثل معبد الاله مارس في روما، معبد نميس المربع في فرنسا، معبد بعلبك في سوريا: انشئ عام 161م. في حكم انطونيوس، وقد أقيم المعبد على قاعدة مرتفعة وسلالم ، للمعبد 3 مداخل رئيسية تؤدي إلى صالة سداسية الشكل مفتوحة من الوسط على شكل فناء داخلي، تطل عليه حجرات خاصة، ويؤدي إلى فناء مربع الشكل محاط من جوانبه الثلاث بحنيات مستطيلة أو نصف دائرية وأمامه أعمدة كورنثية.
معبد الاله فينوس في روما: نجد تمهيد قبل دخول المعبد من خلال سور يحيط بالمعبد وبوابة خارجية أمامية وبوابة جانبية، والمعبد مقام على قاعدة طولها 540x 521 قدم وبه 200 عمود من الجرانيت المصري وتحتوي الواجهة على أعمدة من النظام الكورنثي، وكان يحتوي على هيكلين ويمتاز بسقفه المغطى بالقرميد الزجاجي المغطى بطبقة من البرونز المذهب التي نزعت عنه عام 625م لتغطية سقف كنيسة سانت بيتر روما، وهذا يظهر مقدار ما كان لهذا المعبد من روعة وجمال من حيث التنسيق الهندسي وروعة الفن التشكيلي المنبثق من التكوينات المعمارية والعناصر الفنية.
المعابد ذات المسقط الافقي الدائرية: مثل: معبد الاله فيستا ومعبد البانثيون في روما: صمم المبنى كمعبدًا للآلهة الرومانية، واكتمل بناءه عام 128 للميلاد وتعرض البانثيون لعهود طويلة بعد ذلك للإهمال، وفي العام 609 للميلاد تمكن البابا بونيفاس الرابع من الحصول على إذن من الإمبراطور البيزنطي فوكاس لتحويل البانثيون إلى كنيسة مسيحية، يُعد البانثيون أول معبدٍ وثني يتم تحويله إلى كنيسة مسيحية، وقد أدى ذلك التحول دورًا رئيسيًا في بقائه إلى هذا اليوم، إذ كان لدى السلطة البابوية الموارد الكافية لإدامته وإصلاحه.
قبة البانثيون: يتكون المبنى المصنوع من الطوب والخرسانة من ثلاثة أقسام: الجزء الامامي من المعبد عبارة عن رواق بأعمدة من الجرانيت على الطراز الكورنثي، يليه قبة مستديرة ضخمة محملة على حوائط خرسانية سمك 5.50 متر، ويوجد بداخل لمعبد 8 تجاويف كبيرة الحجم، أحدها هو المدخل وباقي التجاويف كانت تحتوي على تماثيل للالهة، ويبلغ قطر القبة نحو 43.50 متر، ويُعد سقفها المقبب هو الأكبر من نوعه وقت انتهاء بنائه، أما في الجزء العلوي من القبة توجد فتحة دائرية تُدعى أوكلوس (العين)، بقطر 8 أمتار، تسمح بدخول الضوء والأمطار إلى داخل البانثيون، وتُزين جدران وأرضية القاعة المستديرة بالرخام والذهب، ويحتوي السقف المقبب على خمس حلقات في كل منها ثمانية وعشرون مستطيلًا.
مباني عامة: البازيلكا: عرفت في العصر الرماني مثل بازيليكا تراجان وبازيليكا قسطنطين في روما، وكانت تبني بالقرب من الأسواق بجانب الطرق الرئيسية لغرض التبادل التجاري، وفي فترات لاحقة بدأت تستعمل كدار للقضاء ومكان لعقد الصفقات وتصديق العقود، وبعد انتشار المسيحية أضحت مكان تقام فيه صلواتهم وشعائرهم المسيحية.
والمسقط الافقي للبازيليكا مستطيل الشكل مقسم إلي ثلاثة أجزاء وهي: الصحن المركزي الذي يتوسط المبني ويقسم المبنى إلى جناحين أو أكثر بواسطة الاعمدة أو البواكي، وللبازيليكا أبواب تفتح علي ساحة الميدان العام والأخر يطل علي شارع رئيسي بالمدينة، وكانت تزين بالمنحوتات والثماثيل الجميلة والأرضيات الرخامية والجدران المكسوة بالرخام.
بازيليكا وفورم ميدان تراجان: بناه المعماري أبللودوروس الدمشقى حوالي عام 114 ميلادية، في عهد الامبراطور تراجان، والبازيليكا مبنى متسع جداً، مسقوف بالخشب، ومقسم من الداخل إلى خمس صالات كبرى بواسطة أربعة صفوف من الأعمدة الكورنثية التى يبلغ عددها 101 عمود من الجرانيت، وتؤدي البازيليكا لساحة صغيرة يتوسطها عمود تراجان الشهير الذى يفصل بين مبنيين صغيرين احدهما المكتبة اللاتينية والاخرى المكتبة اليونانية.
الفـــــــــــــــــــورم: عرفت الساحات في الحضارة الاغريقية بإسم الاجورا، والتي تم تطويرها في الحضارة الرومانية وأخذت شكل الفورم، ويضم فورم تراجان: سوق حوالي 150 دكاناً، وقاعة إجتماعات، ومزاد وساحة بيع شعبية، كما يضم بازيليكا تراجان، وظل فورم تراجان حلاً معمارياً يستهوي المصممين في كل العصور من حيث البساطة والجمال والفائدة القصوى، بحيث أنها أصبحت مجمع معماري ضخم.
المسرح الروماني المدرج أو الكولوزيوم: يرجع تاريخ بناءه إلى عهد الإمبراطورية الرومانية في القرن الأول الميلادي، وتم الانتهاء منه عام 80م في عهد تيتوس، وأضيفت له بعض التعديلات في عهد دوميتيان. وقد تم بناء المدرج الأكبر في العالم من الخرسانة والحجارة، ويعد المدرج بمثابة العمل الأكبر الذي شيدته الإمبراطورية الرومانية، حيث يعتبر واحدًا من أعظم الأعمال المعمارية والهندسية الرومانية.
تصميم الكولوزيوم جاء بمسقط أفقي بيضاوي الشكل، يحتوي على 80 باكية خارجيه لكل طابق يحيط بالجزء الداخلي حائط بارتفاع 50م وخلفه البوديوم وهي مدرجات الإمبراطور وحاشيته.
يتسع الكولوزيوم لـ 80 ألف متفرج، ويبلغ ارتفاع الوجهات 52م مقسمة لأربعة أدوار، وكان الدور الأرضي مزداناً بأصناف أعمدة على الطراز التوسكاني، والايواني، و الكورنثي، بينما يحمل الطابق الاول اعمدة على الطراز الدوري، يليه الطابق الثاني تحمله اعمدة من النوع الايوني، ثم الطابق الثالث تحمله اعمدة من النوع الكورنثي، وله ثمانون مدخلا مثل ملاعب المدن الرياضية الحديثة.
وينقسم المبنى لثلاثة اقسام هي: المسرح المدور أو مكان التنافس، والمنصة العالية، ومقاعد المتفرجين، والتي تنقسم حسب طبقاتهم من الاشراف وأعضاء مجلس الشيوخ وبقية أفراد الشعب. وعلى الرغم من تضرر الهيكل بشكل كبير بفعل الزلازل، إلا أنه دائمًا ما يُنظر إليه بوصفه رمزًا للإمبراطورية الرومانية ومثالًا شاهدًا على العمارة الرومانية.
المساكن الرومانية: اختلفت بإختلاف كل طبقة من طبقات الشعب، فكان هناك مساكن للطبقة الفقيرة، والمتوسطة والغنية، وبشكل عام لم يختلف تخطيط المساكن الرومانية عن المساكن في العمارة المصرية القديمة، أو عمارة وادى الرافدين، فهو يتكون من الفناء المكشوف أو المغطى بوسط السقف فتحة للإنارة تحيط به أروقة تحملها أعمدة ثم تتوزع الغرف الكثيرة حول الفناء، ثم حدثت إضافة فناء ثاني في القرن الثاني ق.م. وفي نهاية هذا الفناء صالتان على الجانبين.
مساكن الطبقة الغنية: تكون كبيرة الحجم من حيث عدد الغرف، ومن معالمه المميزة وجود صالة مربعة أو مستطيلة تتوسط المسكن مضاءة من السقف تتجمع حولها الحجرات ويحمل السقف المفتوح إلى السماء عند أركان الفتحة أربعة أعمدة كورنثية، وفي أرضية هذه الصالة حوض غير عميق يستقبل مياه المطر من فتحة السقف، وتتصل هذه الصالة بحديقة خارجية ويحيط بالمسكن حوائط مصمتة لحجبه عن الشارع وتوفير عوامل الخصوصية.
قصر دوميتيان: تم بناء القصر ليصبح مقر إقامة للإمبراطور الروماني دوميتيان عام 92 بعد الميلاد، ثم استخدم بعد ذلك كمقر رسمي للأباطرة الرومان حتى سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية في القرن الخامس الميلادي.
والقصر عبارة عن مبنى ضخم تم تقسيمه إلى ثلاث مناطق، حسبما تم الفصل بين الأمور التجارية والحياة الخاصة بحيث يمكن إجراؤها بالتوازي، وهي: دوموس فلافيا، دوموس أوغستانا، الحديقة أو “الملعب”.
مجمع المساكن: كان عبارة عن عدة مساكن مجتمعة في مبنى واحد، مبنية من الخرسانة والطوب،تحتوي على أفنية داخلية، ويحتوي الدور الأرضي على محلات تجارية ودكاكين وحانات ولم تكن لها علاقة بالمساكن العلوية، وقد تصل الأدوار في المباني السكنية من حيث الارتفاع إلى خمس طوابق.
قنوات الري (مجرى العيون): قامت الامبراطورية الرومانية بتأسيس قنوات مياه متطورة حيث طور الرومان تصميم قنوات المياه التي ظهرت لدى مصر القديمة والهند واليونان، وذلك حتى يتم الاستفادة منها بشكل أكبر في الزراعة.
جســـــــــــر جارد أعجوبة العمارة الرومانية: يقع الآن في جنوب فرنسا، وهو واحد من آخر القنوات المائية التي لا تزال موجودة، وقد تم تشييده خلال فترة الإمبراطورية الرومانية (بين 40 و60 بعد الميلاد) ويتكون هذا جسر من ثلاثة طوابق يعتبر من روائع العمارة الرومانية، يبلغ قياسه حوالي 360 مترًا عند أعلى نقطة له، من أحجار ضخمة تم تقطيعها إلى كتل دقيقة. والشيء الأكثر إثارة للدهشة هو أن هذه الكتل كانت مثبتة دون استخدام أي ملاط.
مباني تذكارية: أقواص النصر والاعمدة التذكارية حصن بابليون في مصر.
المراجع: