لويس سوليفان رائد مدرسة شيكاغو

لويس سوليفان رائد مدرسة شيكاغو المعمارية: تقول بعض الآراء إن مصدر الوظيفة هي مدرسة الباوهوس وكل من تعلموا فيها وساروا علي نهجها مثل لوكوربوزية في أوروبا من خلال مبادئ التخطيط ومبادئ العمارة الوظيفية أما في أمريكا فكان سوليفان ورايت من أشهر المعماريين الأمريكيين، وكل منهم تعامل مع النظرية الوظيفية حسب مفهومة لها فالمعماري الأمريكي لويس سوليفان  1856 –1924 Louis Henri Sullivan  تزعم سياسة رفض التقليد والاقتباس من العمارة القديمة بكل أنواعها وطرزها، ومع ذلك كان لويس سوليفان يستخدم الزخارف استخدام عقلاني و يعتبرها امراً ضرورياً وهي الروح التي تحرك الكتل المعمارية، وكان يركز على دمج الزخارف بحيث تتكامل مع تصميم المبنى .وكان رائداً من اهم رواد مدرسة شيكاغو المعمارية.

حريق شيكاغو ومدرسة شيكاغو المعمارية: بعد التطور والنهضة التي عاشت بها مدينة شيكاغو، حدث حريق كبير ، يعد من أفظع وأشد الحرائق في العصر الحديث، وكان سبب الحريق هو بقرة السيد/ مس أوليري التي رفست المصباح فسقط على القش، فاندلعت النار من مبنى لمبنى لان 90% من منازل المدينة مانت من الخشب، واستمر الحريق مدة 3 أيام من 8-10 أكتوبر عام 1871م، وقدرت الخسائر بـ 20-300 الف شخص وتلف 17،000 مبنى، بالاضافة للازمة الاقتصادية عام 1973م، وكان ذلك مبرر منطقي لاستخدام أساليب حديثة في الانشاء، ولذلك فهي ليست مدرسة بالمعنى الاكاديمي بل تحمل معنى تجربة خاضتها مجموعة من المهندسين خلال فترة زمنية معينة في إعمار المدينة بعد الحريق الكبير، وقد اعتمد رواد هذه المدرسة على المبادئ التالية:

كان لويس سوليفان يرى أن الوظيفة تعني أكثر من مجرد توفير الاحتياجات العملية والوصول إلى بناء منطقي، وإنما يجب أن يكون المبنى عضويًا من الناحية الوظيفية، بمعنى أنه يجب أن يكون تعبيرًا عن وجهة نظر المهندس تجاه الطبيعة والمجتمع، وطالب بالعودة الى التجارب الحقيقية الواقعية والى الطبيعة التي يعتبرها مصدر قوة ويعجب بتماسكها وتناسقها وتعاون كل اجزائها مع بعضها البعض، مما ينتج عنه صحة التكوين والاشكال، وفي كتاباته المبدعة عن النظرية المعمارية رفع شعاراً يقول بأن: الشكــــــل يتبع الوظيفــــة Form Follows Function ويقول: 

 إنه القانون المنتشر لكل الأشياء العضوية، وغير العضوية، من كل الأشياء الفيزيائية والميتافيزيقية، لكل الأشياء البشرية، من جميع المظاهر الحقيقية للرأس، والقلب، والروح، التي يمكن للحياة التعرف عليها في تعبيراتها، هذا هو الشكل الذي يتبع الوظيفة. هذا هو القانون. “- 1896م

بمعني أن الشكل يُستنبط من الوظيفة، ووظيفة المبني في رائه هي السبب في وجود المبني، والأشكال يجب أن تكون بسيطة و تعكس التطور التقني في البناء، كما يرتبط إسم لويس سوليفات ببداية الدعوة للعمارة العضوية حيث كان يتكلم عن الطبيعة كمصدر الهام في التصميمات المعمارية، وكان هو اول من وضع لبنات العمارة العضويه واستكملها بعدة تلميذة فرانك لويد رايت الذي نادى بعد ذلك بالعمارة العضوية.

وعمل لويس سوليفان على تطوير ناطحات السحاب معماريا، لذلك يلقب بـأبي ناطحات السحاب، ووضع سوليفان الاسس الاولى لتصميم ناطحات السحاب وهي تقسيم المبنى الى خمسة اقسام :

مبني جرانتي (Guaranty Building) المعروف بـ “Prudential وهو من أوائل ناطحات السحاب في نيويورك، تم الانتهاء منه عام 1896م، صممه لويس سوليفان بالاشتراك مع دانكمان إدلر، والمبنى مكون من 13 طابقًا، ويبلغ ارتفاعه 167 قدمًا (51 مترًا)، كان فكرة رجل الأعمال بافالونيا هاسكال تي تايلور، وكان موقع المشروع استراتيجي مجاورًا لبلدية المقاطعة وبالقرب من عدد من الهياكل المؤسسية، ولسوء الحظ، توفي هاسكال تايلور بينما كان المشروع على وشك الإنشاء، مما أدى إلى قرار شركة Guaranty بتولي المشروع بمفردها، مثل العديد من مباني مدرسة شيكاغو المعمارية، فإن مبنى جرانتي عبارة عن مخطط على شكل حرف U فوق الطوابق السفلية، بحيث يمكن لكل مكتب الحصول على الضوء والهواء النقي، الجزء الداخلي من حرف “U” يواجه الجنوب، من أجل زيادة كمية الضوء إلى الداخل، واتبع سوليفان في تصميمه الاسس النظرية التي حددها، وتم تصنيف المبنى معلمًا تاريخيًا وطنيًا في عام 1975، .

مبنى القاعة The Auditorium Building

يعد مبنى القاعة في شيكاغو أحد أشهر تصميمات لويس سوليفان ودانكمار أدلر، وقد تم الانتهاء من المبنى في عام 1889م، وتم تصميم المبنى ليكون مجمعًا متعدد الاستخدامات، يضم مكاتب ومسرحًا وفندقًا، وقد عمل المعماري فرانك لويد رايت في بداية حياته في هذا المشروع كمتدرب لاعداد بعض التصاميم الداخلية، وكان مسرح القاعة هو الموطن الأول لأوبرا شيكاغو المدنية وأوركسترا شيكاغو السيمفونية.

صمم سوليفان وأدلر هيكلًا طويلًا بجدران خارجية حاملة، وعند اكتماله، كان أطول مبنى في المدينة وأكبر مبنى في الولايات المتحدة. كانت إحدى الميزات الأكثر ابتكارًا للمبنى هي الأساس الضخم الذي صممه أدلر بالاشتراك مع المهندس بول مولر. نتيجة لطبيعة التربة الموجودة أسفل القاعة وكانت تتكون من طين أزرق ناعم يصل عمقه إلى أكثر من 100 قدم، مما يجعل الأساسات التقليدية مستحيلة. فصمما حصيرة عائمة من روابط السكك الحديدية المتقاطعة، ومغطاة بطبقة مزدوجة من القضبان الفولاذية المدمجة في الخرسانة، وتم طلاء المجموعة بأكملها بالقار.

في وسط المبنى كانت توجد قاعة تتسع لعدد 4300 مقعدًا، وحول المساحة المركزية كان هناك 136 مكتبًا وفندقًا مكونًا من 400 غرفة، وكان الغرض منهما توليد الكثير من الإيرادات لدعم الأوبرا. بحيث يكون المشروع مكتفيًا ذاتيًا. وتم إعلان المبنى كمعلم تاريخي وطني في عام 1975م، وتم تعيينه كمعلم تاريخي في شيكاغو في سبتمبر 1976م.

لويس سوليفان رائد مدرسة شيكاغو المعمارية: في عام 1924 كتب لويس سيرته الذاتية تحت عنوان The Autobiography of an Idea يصف فيها طفولته وحياته المهنية، إضافةً إلى 19 لوحة زخرفة معمارية، وفي عام 1944 وبعد وفاة لويس، تم منحه الميدالية الذهبية من المعهد الأمريكي للمهندسين المعماريين اعترافًا بمساهماته المعمارية العظيمة.

نلتقي في المقال القادم مع رواد الطراز الدولي للعمارة.

المراجع:

نظريات العمارة – د. عرفان سامي

عمارة القرن العشرين – دراسة تحليلية للمهندس صلاح زيتون.

نظريات العمارة – د. هشام حسن علي

Exit mobile version