ما هي أهم الديانات في الهند قبل الاسلام؟
ما هي أهم الديانات في الهند قبل الاسلام؟
وبعد ما تحدثنا عن أهم الديانات التي كانت منتشرة في الامبراطورية الفارسية تعالوا بينا النهاردة ناخد جولة في الهند والتي تُعد ثاني أكبر دولة في العالم (بعد الصين) من حيث عدد السكان، وطبقاً لآخر إحصاء سكاني يبلغ عدد السكان مليار ومائتان وسبعون مليون نسمة، وتقع الهند في جنوب قارة أسيا وتعتبر الهند من أكثر بلاد العالم تنوعاً من حيث الأديان والمعتقدات التي من أهمها:
- الهندوسية (يعتنقها حوالي 79.8% من السكان) والإسلام (14.2%) والمسيحية (2.3%) والسيخية (1.7%) وديانات أخرى (2%).
- وعلى الرغم من تعدد الأديان فإن الدستور الهندي ينص على أن الهند دولة علمانية، وبلغت الوثنية ذروتها في القرن السادس الميلادي، تعالوا بنا نلقي نظرة على أهم الديانات في الهند:
أولاً الهندوسية أو الهندوكية وتُسَمَّى أيضاً البراهمية: وهي من أقدم ديانات الهند وأكبرها من حيث عدد معتنقيها وتعتبر ثالث أكبر ديانة في العالم بعد المسيحية والإسلام، وليس لها مؤسس محدد وإنما تشكلت عبر مسيرة طويلة من القرن الخامس عشر ق.م. إلى وقتنا الحاضر، وتنتشر في الهند ونيبال وموريشيوس، وهي من أقدم الديانات الشرقية القديمة وتعتبر الدين الأم الذي تشعبت منه الأديان الأخرى، ومن عقائدها:
- عقيدة الإلوهية: عرفت الهندوسية كافة أشكال الإعتقاد ولهم مجموعة كبيرة من الآلهة، ويمكن تقسيم الهندوس إلى ثلاث جماعات، حسب الالهة التي يعبدونها، وأبرز الألهة الرئيسية التي يعبدونها موجودين في الثالوث الهندوسي الذي يضم ثلاثة آلهة هي:
- براهما الخالق: هو إله الخلق في الهندوسية. ومُوجد الكون وروحُهُ العليا وجوهرُهُ. يُعرف بـ «الخالق». وهو المَعْبُود الأَعْلَى في الثَّالوث الهندوسي.
- وفيشنو الحافظ: و الطائفة الهندوسية التي تَعبُد الإله فيشنو، وأتباعها يعبدون آلهة أُخرى أيضاً كـ«راما» و«كريشنا» واتباعه غالباً مايُكرسون حياتهم لممارسة التأمل والترتيل والغناء
- شيفا المدمر: الشيفية هي الطائفة الهندوسية التي تَعبُد الإله شيفا، ويشتهر أتباع شيفا بِحُبهم وميلهُم للزهد والابتعاد عن الدنيا، فغالباً مايجولون الهند مُغطيين وجوههم بالرماد لأداء طقوس التطهير الذاتي
وتَذكر النصوص الهندوسية بأنه يوجد حوالي 33 كرور أو 330 مليون إله (1 كرور = 10 ملايين). يُمكن أن يكون الرقم رمزيّ، ولكن يوجد هنالك أسماء وأشكال عديدة لكثرة الآلهة من أشخاص، وجبال، وأنهار، وحيوانات أعظمها البقرة، والأجرام الفلكية، حتى عبدَ الهنودُ آلةَ التناسلِ.
2- عقيدة الكارما: يعتقد الهندوس أن جميع أعمال البشر الاختيارية التي تؤثر على الآخرين سواء كانت خيراً أو شراً لابد أن يجازي عليها بالثواب أو بالعقاب طبقاً لناموس العدل الصارم سواءً في هذه الحياة أو في حيوات أخري قادمة يعتقد فيها الهندوس كما سيتضح مما يلي.
3- عقيدة تناسخ الأرواح: وخلاصة هذه العقيدة أن النفس بعد مفارقتها للجسد تعود إلى الحياة في جسد آخر لتستوفي ديونها من الكارما، وتكمل رغباتها وشهواتها التي لم تستوفيها في الحيوات السابقة.
4- عقيدة الإنطلاق: وتعني التحرر من تكرار المولد وتناسخ الأرواح، وهو نهاية دورات التناسخ والوصول إليه يتطلب اكتمال الميول والشهوات، وذلك بتغلب الإنسان على نفسه، بحيث لا يبقي له شهوة ولا ميلاً؟
ويطلق على الأسفار المقدسة في الديانة الهندوسية اسم ” الفيدا” ومعناها المعرفة والعلم، وهناك قوانين مانو: وهي قوانين تشتمل على تفصيل الدين الهندوسي من حيث العبادات والمعاملات والنظم الاجتماعية، وتشتمل على حوالي 2684 مادة أو فقرة. وإنتشرت الهندوسية في شبه القارة الهندية في سيلان والهند الصينية واليابان وكوريا.
وتقوم الحياة الاجتماعية للهندوس على فكرة الطبقات، فقد قسَّمت الديانة الهندوسية المجتمع الهندي إلى أربع طبقات، ومن كان في طبقة لا يستطيع أن يرتقي للطبقة الأعلى مهما اكتسب من علم أو مال أو جاه، والطبقات هي:
- الطبقة البيضاء وهم البراهمة: وهم طبقة الكهنة ورجال الدين، والبرهمي مغفور له، ولا يجوز فرض جباية عليه، ولا يعاقب بالقتل في حال من الاحوال، ولو أباد العوالم الثلاثة بذنوبه.
- الطبقة الحمراء: وهم رجال الحرب والجندية.
- الطبقة الصفراء: وهم رجال التجارة والفلاحة.
– الطبقة السوداء: وهم أدنى الطبقات، ويعتقدوا أنهم قد خلقوا من أرجل الالة، وليس لهم إلا خدمة باقي الطبقات، وهم بحسب التقسيم أحط من البهائم، وأذل من الكلاب.
أما بالنسبة للمرأة في المجتمع الهندي فقد قضت الشرائع الهندية القديمة: “إن الوباء والموت والجحيم والسُّمَّ والأفاعي والنار خيرٌ من المرأة”، وكان الرجل إذا قامر فخسر ماله، يقامر على امرأته وقد يخسرها فيأخذها الفائز، كما كان من عادة الهنود أن يحرقوا الزوجة مع زوجها عندما يموت ويدفنوها معه، وإذا لم تفعل المرأة ذلك تبقى أمَةً في بيت زوجها الميت، وتصبح عُرضَةً للإهانات والتجريح كل يوم إلى أن تموت. وأصبح الإنسان الذي استخلفه الله ليكون خليفة في الارض لعبادة الله وعمران الارض، أصبح عبداً مسخراً لأدنى المخلوقات.
ثانياً: العقيدة البوذية: وهي ثاني أقدم الديانات بعد الهندوسية ونشأت في القرن السادس ق.م.، ويوجد تشابة بين البوذية والهندوسية في بعض المعتقدات، مثل عقيدة الكارما وعقيدة تناسخ الأرواح، أما
عقيدة الالوهية: فلا نجد في البوذية إله ولم يرد بوذا الخوض في اي نقاش حول الاله. وفي البوذية ليس للآلهة يدٌ في خلق الكون، فقد جردت البوذية الكون من مفهوم الخالق الأزلي ولا تعارض البوذية فكرة وجود آلههً عدة مثل “راما، كريشنا، باجافان، شيفا، اشوا، إلا أنها رفضت أن تخصص لهم مكانة في عقيدتها.
ولكن سرعان ما أله البوذيون بوذا نفسه ونصبوا تماثيله في كل مكان، فقد وجدوا أن الدليل على عدم وجود الإله أمر صعب على النفس البشرية بسبب قانون السببية كما ذكرنا من قبل، وللبوذية كتاب مقدس يتضمن النصوص الدينية التي جمعها البوذيون في المجامع البوذية على مدار قرون طويلة، ويقدس البوذيون هذا الكتاب ويسمى “تري بيتاكا” كما يقدس الهندوس كتاب “الفيدا”.
وانحسرت البوذية في شبه القارة الهندية ويعيش معظمهم في أعداد صغيرة بحبال الهيمالايا. بينما انتشرت البوذية في سيلان والهند الصينية واليابان وكوريا.
ثالثا الديانة الجينية: ونشأت مع البوذية في وقت واحد في القرن السادس ق.م. حين ثارت الطبقة المحاربة على البراهمة لاستحواذهم على جميع الامتيازات، وكان “مهاويرا” من هذه الطبقة المحاربة، فأسس هذه الديانة التي تختلف عن البرهمية الهندوسية، لا سيما في القول بتقسيم الناس إلى طبقات وفي عدم الاعتراف بآلهة الهندوسية الثلاثة، وعدم الاعتراف بمسألة تناسخ الأرواح، وأهم شيء في الجينية هو الدعوة إلى تجرد الإنسان من شرور الحياة وشهواتها حتى تدخل النفس حالة من الجمود والخمود لا تشعر فيها بأي شيء مما حولها.
وأتباع هذا المذهب قلة الان حيث يمثلون أقل من 1% من مجموع السكان ولكن معظمهم من أغنى الأغنياء و يعتبرون اليوم من الطبقة العليا اجتماعيا واقتصاديا، وقد تأثّر المهاتما غاندي كثيراً بتعاليم الجاين حول فكرة “اللاعنف” واحترام وتبجيل كل الكائنات الحيّة.
الديانة السيخية: أحدث الأديان الرئيسية في العالم ونشأت في نهاية القرن 15 الميلادي،
وكلمة السيخ تعني التابع حيث قامت معتقداتهم على مزج الإسلام مع الهندوسية وشعارهم «لا هندوس ولا مسلمون» واعتنقت السيخية الاعتقاد الهندوسي في تناسخ الارواح.
والسيخ يتبعون تعاليم 10 معلمين روحيين ويحتوي كتاب السيخ المقدس على تعاليم هؤلاء العشرة، وكان أول معلم سيخي قد بدأ بوعظ حوالي 500 فرد،
وبعد وفاتة كون السيخ قوة عسكرية للدفاع عن أنفسهم، ففي عام 1699م قاد المعلم العاشر، مجموعة من الجنود السيخ في عدة معارك من أجل تحقيق الاستقلال الديني، وحارب السيخ لإقامة مملكة مستقلة حتى عام 1849م عندما غزتهم بريطانيا.
وبعد استقلال الهند عام 1946 طالب السيخ بولاية خاصة بهم في الهند. وفي عام 1966 أقامت الحكومة الهندية ولاية البنجاب التي يحكمها السيخ جزئيا، حيث تقع المدينة المقدسة للسيخ “أمرتسار” في هذه الولاية.
تطور الحركة العلمية والفكرية عند الهند: إن حضارة الهند هي المثل الأعرق والنموذجي لحضارة واحدة متراصة في كلّ عصور التأريخ. فالحضارات التي رافقتها اندثرت وجاءت غيرها في المكان نفسه. فعلى سبيل المثال، انتهت الحضارة السومرية في 2006 ق.م، وانتهت الحضارة الآشورية في 611 ق.م، والحضارة البابلية في 539 ق.م، والحضارة الفارسية في 638 ق.م.
الدور الذي لعبته الحضارة الهندية في إثراء الفكر البشري لا يقل أهمية عن دور باقي حضارات العالم القديم، فقد أحرز العلماء الهنود نجاحات ملموسة في العلوم الطبيعية والرياضيات وتطبيقاتها في الطب والصناعة، كما برعوا في أعمال الصباغة وصناعة الصابون والزجاج والأسمنت.
أما الحضارة الهندية فما زالت مستمرة، وإن تعرضت لكثير من الهزّات التاريخية الكبرى؛ وتتميز الحضارة الهندية في كثير من الجوانب العلمية والدينية في آن واحد، وثراؤها المهول في الجوانب الفنية والثقافية. وقد برع العلماء الهنود براعة استثنائية في الرياضيات بشكل خاص، وقدّموا في الطب براعة نادرة لا نجدها في تراثات الشعوب الأخرى، ومن ذلك:
– استعمال الصفر بشكله الصريح هو من المساهمات الكبرى للرياضيات الهندية.
– أعطت الهند للبشرية أعظم علماء الرياضيات في التاريخ، مثل: أيابهاتا، براهماغوبتا، مهافيرا.
– ابتكار التفاضل والتكامل قبل قرنين من ظهوره في الغرب.
– ظهرت الأرقام الهندية (مع الصفر) بسيطة واضحة تتبع النظام العشري، وانتقلت إلى إيران وعرفها العرب حين فتحوا إيران، وانتقلت إلى أرجاء الدولة العثمانية ومنها إلى الغرب، وقد عُرفت بـ(الأرقام العربية) وحلّت محلّ الأرقام الرومية.
في الحساب: ترجم كتاب الفصول في الحساب الهندي إلى اللغة العربية في خلافة المنصور (154هـ / 772م)، فاطلع العرب على حساب الهنود وأخذوا عنهم نظام الترقيم وهي الأرقام المعروفة اليوم إضافة إلى الصفر، فهذب المسلمون هذه الأرقام، وكونوا منها مجموعتين رقميتين هما: الأرقام الغبارية، والأرقام الهندية التي استخدمت في البلاد العربية .
وفي علم الفلك: نقل محمد إبراهيم الفزاري كتاب السند هند بطلب من الخليفة أبي جعفر المنصور، فأفادوا منه معلومات كثيرة تتعلق بالخسوف والكسوف والاعتدالين، واستخرج منه الفزاري زيجاً حوّل فيه جداول السنين الهندية الشمسية إلى سنين قمرية، كما أفادوا من المعارف الهندية في رصد مواقع بعض النجوم ودورانها . أما في مجال الطب: فكانت للهنود معرفة ببعض الأمراض وعلاجها، وانتقالها بالعدوى، واستخدموا التنويم المغناطيسي في العلاج، فاطلع العرب على هذه المعارف واستفادوا منها ونقلوا بعضها عنهم، وترجمت بعض الكتب الطبية منها كتاب أسرار المواليد والتوهم في الأمراض والعلل وعلاجات النساء وعقاقير الهند، وفي الأدب اهتم الهنود بالقَصَص الرمزي الذي يقدم النصائح والحِكم بطريقة جذابة ومؤثرة، فنقل عنهم العرب كتاب كلية ودمنة الذي نقل إلى الفارسية أولاً، ثم إلى العربية وقام بنقله عبدالله بن المقفع
وبكدة نكون وصلنا لنهاية حلقتنا النهاردة
في الحلقة القادمة والي هنتحدث فيها عن أهم الديانات التي كانت منتشرة في الصين فانتظرونا.
والسلام عليكم ورحمة الله.