Web Analytics
الحضارة الفرعونيةتاريخ العمارة

من هو فرعون الخروج؟

من هو فرعون الخروج؟ سؤال يبحث عن إجابة منذ آلاف السنين، فبعد أن انتصر أحمس الأول على الهكسوس الذين غزو مصر من جهه الشرق سنة 1550 ق.م.، أعتبر الفراعنة أن بني إسرائيل كانوا أعواناً للهكسوس، وبدأ الاضطهاد والقهــــــــــر والبطش لبني إسرائيل، وربما يكون لهم مبرراتهم السياسية والاجتماعية والحربية والوطنية، وكان من الطبيعي أن يعمل أحمس الاول على القضاء على العناصر الموالية للهكسوس وهم اليهود، أو على الأقل أن يسلبهم سلطانهــــــــم الذي وصلوا إليه، بواسطة النبي يوسف عليه السلام في أيام ملوك الهكسوس، فبدأ التعذيب لبني إسرائيل من أيام أحمس الاول فبدأ ينكل بأبناءهم حتى لا يكبروا ويصبحوا قوة تعمل على هدم ما بناه لتحرير بلاده من الأجانب، ولما كان من السياسة أن لا يبيدهم كلهم فقد كان يستعمل بني إسرائيل في بناء المدن، واستمر التعذيب لبني إسرائيل قرابة 300 سنة، حتى إعتاد اليهود على الذل والجبن والكذب، ثم أرسل الله موسى عليه السلام سنة 1250 ق.م. إلى بني إسرائيل لينقذهم من اضطهاد الفراعنة لهم. والتف بني إسرائيل حول موسى عليه‌السلام في مصر ، لا كنبي، وإنما كقائد يرجي على يديه الخلاص من استعباد المصريين لهم، وبدأ موسى مسيرة الخروج وكانت بداية المسيرة من مدينة «بي رعمسيس» مقر الفرعون وعاصمة الإمبراطورية المصرية أنذاك.

 معجزة إنفلاق البحر: علم فرعون أن بني إسرائيل قد فروا بليل، وأنهم قد أخذوا معهم ما أعاره المصريون لهم من الأمتعة والذهب والفضة وطبقا لرواية التوراة، فلقد تغير قلب الفرعون وملئه على بني إسرائيل، و لم يجد الفرعون مناصا من أن يلحق بالفارين حتى يعيد ما سرقوه وأن يردهم إلى ما كانوا عليه من ذل العبودية، أو يفتك بهم ويستأصل شأفتهم من البلاد، وأمر بما يسمى في عصرنا الحاضر «التعبئة العامة» فأرسل في المدائن حاشرين يجمعون الجند (إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ، وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ ، وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ)(1) ، وأدرك فرعون وجيشه بني إسرائيل وهم نازلون عند البحر، وحين رأى بني إسرائيل الخطر الزاحف من خلفهم وهو يقترب منهم، تملكهم الذعر والخوف وأيقنوا بالهلاك وصاحوا بموسى: «إنا لمدركون»، وقالوا يا موسى: أوذينا من قبل أن تأتينا، كانوا يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا، ومن بعد ما جئتنا اليوم يدركنا فرعون فيقتلنا، البحر من بين أيدينا ، وفرعون من خلفنا ، ولم يجد موسى عليه‌السلام من وسيلة لإنقاذهم سوى طلب العون والرحمة من الله، فصاح في وجوه الخائفين الفزعين من أتباعه «إن معي ربي سيهدين» وهنا تحدث المعجزة الكبرى(2) لموسى عليه السلام، إذ أوحى الله إلى موسى (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ، وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ ، وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ، ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ(3)

غرق فرعون وجنودة ونجاة بني إسرائيل: تحدث القرآن الكريم عن نجاة بني إسرائيل، وغرق فرعون وجنودة، قال تعالى : (وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ ، فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً ، حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ، فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ، وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ(4). والآيات الكريمة تشير إلى أن فرعون حين غشيته سكرات الموت آمن ، حيث لا ينفعه الإيمان فقال تعالى: “آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ”  أتؤمن الآن في وقت الاضطرار ، حين أدركك الغرق ، وأيست من نفسك، وقال العلماء : إيمانه غير مقبول لأن الإيمان والتوبة عند معاينة الملائكة والعذاب غير مقبولين. ثم حين أخبر موسى عليه السلام بني إسرائيل بغرق فرعون وقومه، قالوا : ما مات وذلك لعظمته عندهم، وما حصل في قلوبهم من الرعب لأجله، فأمر الله البحر فألقى فرعون على الساحل أحمر قصيرا كأنه ثور فرآه بنى إسرائيل، وقد إنقسم المؤرخين وعلماء المصريات حول من هو فرعون الخروج؟ إلى فريقين:

الفريق الاول: يرى أن موسى (عليه السلام) لم يعاصر إلا فرعونا واحدا طويل العمر هو “رمسيس الثاني” أحد أعظم ملوك الأسرة الـ 19، ومن أشهر من قال بهذا الرأي: وليام أولبرايت الأميركي المتوفى سنة 1971م، و أوتو أيسفلت الألماني المتوفى سنة 1973م، وميريل أونجر الأميركي المتوفى سنة 1980م، وكذلك الباحث العراقي لؤي فتوحي.

  • ويرى هذا الفريق أن رمسيس الثاني هو الفرعون الذي قام بتسخير اليهود واضطهادهم، وهو نفسه من لاحقهم عند خروجهم من مصر.
  • ومرجعهم في ذلك ما جاء في كتاب العهد القديم لليهود “فجعل الفراعنة على بني إسرائيل رؤساء تسخير لكي يذلوهم بأثقالهم، فبنوا لفرعون مدينتي مخازن فيثوم ورعمسيس (رمسيس)”.
  • ولكن معظم علماء المصريات شككوا في فرضية ان يكون رمسيس الثاني هو فرعون موسى نتيجة بحث تاريخي مفصل، ولأن فحص مومياؤه أثبتت انه لم يمت غرقا على عكس ما حاول أتباع هذه النظرية من الترويج لها بادعاء وجود آثار ماء في رئتيه، وهنا نأتي لرأي الفريق الثاني كما يلي:

الفريق الثاني: يرى أن موسى عليه السلام قد عاصر فرعونين: الاول هو رمسيس الثاني فرعون التسخير الذي اضطهد بني إسرائيل، ثم خليفته فرعون الخروج “مرنبتــــــــــــاح” الذي لاحقهم أثناء خروجهم من مصر. وأن الخروج كان في العام الأخير من حكم مرنبتاح ، سواء أكان هذا العام العاشر من الحكم (حوالي عام ١٢١٤ ق. م) أو العام الثامن من الحكم (حوالى عام ١٢١٦ ق. م) ، على خلاف في الرأي 

  • ومن أشهر من قال بهذا الرأي: العالم و الطبيب الفرنسي موريس بوكاي(5) المتخصص في الطب الشرعي، وقد ذكر في كتابه (الإنجيل والقرآن والعلم الحديث) انه يظن ان مرنبتاح ابن رمسيس الثاني هو الأقرب لأن يكون هو فرعون موسى، وكان اعتماده في ذلك ان التوراة والإنجيل تؤكد وجود فرعونيين عاصرا فترة النبي موسى أحدهما قام بتربيته والآخر هو من عرف بفرعون الخروج الذي طارد موسى وبنى إسرائيل وأغرقه الله في خلـــــيج السويس.
  • وقد تم فحص طبي لمومياء مرنبتـــــــاح بين عامي 1974 و1975 بمشاركة أطباء مصريين، و استُقدم موريس بوكاي من فرنسا باعتباره أحد أهم المتخصصين في الطب الشرعي، لبحث فرضية موت الفرعون مرنبتاح بفعل ارتداد الأمواج عليه والغرق في البحر، ونشر بوكاي نتائج الفحص في كتابه “مومياوات الفراعنة.. الأبحاث الطبية المعاصرة” وقد نال عليه جائزة الأكاديمية الفرنسية والأكاديمية الوطنية للطب في بلاده، وقد أشار إلى وجود فجوات في الصدر والرأس وأسفل الظهر في مومياء مرنبتاح نتيجة “صدمة خارجية” ليستنتج بعد استبعاد فرضيات عدة أن هذه الصدمة التي أودت بحياته كانت بفعل انطباق البحر عليه.
  • وهناك دليل أخر ساقه هذا الفريق، وهو ما يعرف بـ “لوح مرنبتـــــــاح” وقد عثر عليه عام 1896 وهو محفوظ في المتحف المصري بالقاهرة. ويتضمن أقدم إشارة لإسرائيل في النصوص التاريخية من غير المخطوطات اليهودية والمسيحية، وفي اللوح تسجيل لحروب الفرعون مرنبتاح وانتصاراته، وجاء فيه “الأمراء منبطحون يصرخون طالبين الرحمة، وليس من بين الأقواس التسعة من يرفع رأسه، الخراب للتحنو، بلاد خاتي هادئة، وكنعان قد استلبت في قسوة، وأخذت عقلان، وقبض على جازر، وصارت ينوعام كأن لم يكن لها وجود، وإسرائيل قد ضاعت وأزيلت بذرتها، وأصبحت خارو أرملة”.

وهكذا يرى أصحاب الرأي الثاني أن خروج بني إسرائيل كان في عهد مرنبتاح الذي مات بعد أن حكم مصر 10 سنوات فقط، خلفا لأبيه الذي حكم قرابة 70 عاما.

ويقول الدكتور مهران “كل الفراعين الذين دارت حولهم روايات تاريخ الخروج، وأيهم (فرعون موسى) من أمثال أحمس الأول وتحتمس الثالث وأمنحتب الثاني وتوت عنخ آمون ورمسيس الثاني ومرنبتاح وسيتي الثاني، قد اكتشفت جثثهم. ويقول عالم الآثار المصرية الدكتور زاهى حواس، إن هوية الفرعون الذي واكب دخول الأنبياء يوسف وموسى لمصر غير معروفة وأنه لايوجد أي دليل في الآثار المصرية يدل على وجود فرعون موسى إطلاقاً وكل ما يقال الآن هي آراء وتكهنات وإن تحديد شخصية فرعون موسى لايزال لغزا لم يحل بعد.

المراجع:

  1. سورة الشعراء- الاية 54
  2. المعجزة: أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدِّي، يُجْرِيها الله على يد مدعي النبوَّة تأييداً لدعواة، وكأن المعجزة تقول صدق عبدي فيما يبلغ عني. ومعنى ذلك أنَّ الرسول يتحدَّى قومه بهذه المعجزة؛ في حدود قدراتهم الممنوحة لهم بحسب مستواهم والتي لا يستطيعون الإتيان بمثلها منفردين أو مجتمعين، ليتأكَّدوا أنها من قِبَلِ الله، ومن ثَمَّ يتأكَّدون من صدقه، وأنه مؤيَّد من السماء.
  3. سورة الشعراء- الاية 63-67
  4. سورة يونس: آية 90 ـ 92.
  5. موريس بوكاي:  يعتقد أنه ولد في المغرب لأسرة يهـ.ـودية انتقلت لاحقا إلى فرنسا- مستشرقا سعى لإثبات توافق النصوص الدينية مع الأدلة العلمية، حيث أصدر في عام 1976 كتابا بعنوان “الإنجيل والقرآن والعلم” كان يقارن فيه بين الإنجيل والقرآن من حيث توافقهما مع النظريات العلمية الحديثة منتصرا فيه للقرآن، وقيل إنه أسلم في فترة متقدمة من عمره، حيث يعتبره الكثيرون مؤسس فكرة “الإعجاز العلمي في القرآن”.

المراجع:

  1. دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم – ج ٢ – دكتور محمد بيومي مهران

م. أشرف رشاد

هنا يمكنكم الاطلاع على فنــــــــــــون العمارة المختلفة ولان العمارة هي ام الفنون فسنلقي الضوء على المبادئ الأساسية للهندسة المعمارية مثل: تاريـــــــــــــــــخ وطرز العمارة عبر العصور المختلفة، وأهم النظريات والمدارس المعمارية، وكذلك التصميم المعماري عبر تحليل الأفكار المعمارية للمشاريع المختلفة، وأعمال الديكورات الداخلية والتشطيبات، نسأل الله أن ينفع بهذا العمل ويكون خالصاً لوجهه الكريم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى