مراحل التصميم المعماري
مراحل التصميم المعماري – Design process: هي مجموعة الخطوات التي يتخذها المصمم لإيجاد حل لمشكلة تصميمية معينة، وعادة ما يكون لها ثلاثة إبعاد: “الإحتياج – البيئة – الشكل“، وحل المشكلة يكمن فى عمل توازن بين هذه العناصر الثلاثة، وصياغة الحل يتم على شكل أفكار وعلامات ورموز وصور ومخططات وغير ذلك من الوسائل الإيضاحية، ويوفر التصميم النواحي الوظيفة المطلوبة في تكوين وتشكيل جميل، بتكلفه مقبولة باستخدام مواد ووسائل تصنيع متاحة ومتوفرة، مع التفكير في عوامل المتانه للمنشاء وكذلك أعمال الصيانه.
ويمر التصميم المعماري بعدة مراحل بدءًا من التعرف على بيئة الموقع ودراسة المشاكل القائمة ومتطلبات البرنامج المعماري ثم يقوم المصمم بتحليل ذلك وبعدها يهتدي إلى عمل الفكرة المعمارية المناسبة للحل التصميمي للمشروع المعماري على الموقع المقترح للمشروع، وتمر العملية التصميمية بخمسة مراحل لمعالجة أي مشكلة تصميمة وهذه المراحل هي:
المرحلة الاولى: مرحلة تجميع المعلومات: Data Collection-Briefing Stage “ما قبل التصميم”
- تحليل موقع المشروع – Site Analysis
في هذه المرحلة يجتمع المهندس المعماري مع العميل أو الجهة المشرفة على تصميم المشروع لفهم رغبات العميل، وطبيعة قطعة الأرض التي سيقام عليها المشروع، والغرض من عملية البناء، فلا يمكن أن تنجح العملية التصميمية في تحقيق متطلبات المشروع بدون دراسة الموقع والتأثيرات البيئية المحيطة بالمشروع، حيث يتم إعداد المتطلبات والدراسات الخاصة بالمشروع وتشمل النقاط التالية:
- القيام بزيارة الموقع على الطبيعة لمعرفة مساحة وشكل أرض المشروع – Plot shape & Area
- العناصر والمناظر الطبيعية القريبة من المشروع – Natural physical element
- دراسة المحاور البصرية والحركية ومعرفة العلامات المميزة، ونقاط الجذب، القريبة من الموقع Land mark & vocal point
- معرفة اتجاه وحركة الرياح الموسمية، وحركة الشمس أثناء فصول السنة، لتحديد الحالة المناخية للمنطقة في الفصول المختلفة من حرارة ورياح للوصول إلى التوجيه الأفضل للمبنى.
- تحديد الجانب الوظيفي في المشروع ومعرفة تشريعات البناء في المنطقة.
- معرفة الأبعاد التاريخية والاجتماعية والدينية للمشروع.
- التعرف على المستخدمين الفعليين للمشروع والزوار لمعرفة إحتياجاتهم -Interview.
- عمل إستبيان Questioner، ومراقبة المستخدمين في مواقع مشابهه Observation.
- دراسة حركة المشاة والسيارات في أوقات مختلفة منها ساعة الذروة ” ساعة الازدحام القصوى ” لتحديد نظام الحركة لمداخل ومخارج المشروع – Circulation systems
ثم يقوم المصمم بتحليل جميع المعلومات السابقة من وجهة نظر معمارية والتي توصلنا الى:
- الفرص والعوائق في المشروع.
- المشاكل والحلول المقترحة.
ومن خلال ذلك نستطيع ان نتوصل الى التوصيات التي يتم اخذها بعين الاعتبار في العملية التصميمية، ولا شك أن دراسة تأثيرات كل محور من هذه المحاور الأساسية للعملية التصميمية يؤدى إلى استنتاجات تساعد المصمم على اتخاذ قرارات تصميمية سليمة، واختيار الحلول المناسبة لها أثناء سير وتطور العملية التصميمية وحتى الوصول إلى التصميم النهائي عن طريق قرارات تصميمية سليمة مبنية على أسس سليمة.
كما تفيده أيضاً أثناء بلورة الأسلوب وشكل الواجهات وعلاقتها بموقع المشروع والبيئة المحيطة ومدى تناغمها مع ما يحيط بالمشروع من أبنية قائمة بالفعل، حتى لا يخرج المصمم بتصميم رائع للمبنى، ولكنه قد يكون شاذا متنافراً مع ما حوله من مباني..
وهذا لا يعنى بالضرورة تقليد أو محاكاة ما هو موجود من مستوى متدني، بل يجب في هذه الحالة أن يرتفع المبنى بمستوى هذه المنطقة، ولكن يجب ألا يكون غريباً دخيلاً على المنطقة.
كما تؤثر دراسات الموقع والبيئة المحيطة على حسن اختيار وتحديد مواد التشطيب خاصة للواجهات الخارجية بحيث تكون متماشية ومتناسبة وتلبى ما يفرضه الموقع والتأثيرات البيئية من متطلبات حماية وأمان بجانب المتطلبات الجمالية.. كما تفيد دراسة العوامل المناخية المصمم في تحديد أماكن ومسطحات الفتحات والنوافذ بصورة منطقية مدروسة ترتكز على ما تفرضه الظروف المناخية على الموقع وبالتالي على المبنى ذاته.
2- تحديد برنامج المشروع – Project Program:
ويقصد به دراسة عناصر ومكونات المشروع المقترحة Functions والمطلوب تصميمه، (فمن خلال وظائف المشروع نستطيع التوصل الى برنامج المشروع ) وهو أول ما يقع بين يدى المصمم المعماري ودور المعماري هو تحقيق هذا البرنامج والتوفيق فيما بينها واضعاً في الاعتبار تحقيق العلاقات الأمثل فيما بينها، ويختلف برنامج المشروع وعناصره تبعاً لنوعية المشروع والغرض منه.
- فبرنامج المشروع السكنى: تتألف عناصره من أماكن للجلوس والاستقبال خاصة بالضيافة كالصالونات ” المجالس ” وغرف المعيشة والطعام وغرف للنوم بالإضافة للخدمات من حمامات ودورات مياه ومطابخ وطرقات وسلالم، ومواقف سيارات … الخ.
- وفى حالة المستشفيات والعيادات الصحية: نجد البرنامج يختلف حيث الحاجة إلى العيادات الخارجية وغرف التمريض والعلاج والإقامة للمرضى وقاعات العمليات بما تتطلبه من تخدير وتطهير ومهمات وأدوات جراحية وغرف للرعاية والعناية المركزة ومراقبة المرضى واسعاف الطوارئ ومعامل ومغاسل.. كما يحتاج لدراسة حركة دخول وخروج سيارات الإسعاف وكذلك دراسة حركة المرضى والفريق الطبي المعالج وكيفية التنقل بين الأجنحة المختلفة للمستشفى … دراسة عناصر الحركة الأفقية والرأسية بالقسم الخارجي ” العيادات الخارجية ” والقسم الداخلي غرف التمريض والإقامة.
- أما في حالة المباني الإدارية: فيختلف برنامج المشروع بشكل ملحوظ حيث الحاجة إلى مكاتب إدارية تتماثل مسطحاتها أو تختلف حسب تخصصاتها وعدد الموظفين فيها مع دراسة حركة هؤلاء الموظفين وعلاقات الأقسام المختلفة ببعضها البعض وبالإدارة وغرف الاجتماعات والخدمات الأخرى من دورات مياه وأماكن استراحة ووسائل الحركة الأفقية والرأسية من طرقات وسلالم ومصاعد … الخ .
- وبرنامج مشروع صناعي: تتألف عناصره من ورش تصنيع وصيانة ومعالجة ومخازن ومنطقة انتظار سيارات ومكان للإدارة وقد توجد استراحة للعمال وكافيتريا أو مطعم بالإضافة إلى غرف لتغيير الملابس ودورات مياه … الخ من الخدمات اللازمة لمثل هذا النوع من المشروعات.
- ومن ثم نجد أن نوعية المشروع والغرض منه لها تأثير مباشر على صياغة مكونات برنامج المشروع وتفرض عناصر ومتطلبات معينة ينبغي للمعماري أن يدرسها بدقة ويعمل على تحقيقها واضعاً نصب عينيه محاولة تحقيق العلاقة الأفضل والأمثل بين تلك العناصر، مع عمل دراسات وافية حول الموقع والتأثيرات البيئية وغيرها من الدراسات التي تساعد المصمم على اتخاذ القرارات التصميمية السليمة والأكثر ملاءمة للمشروع.
ترجمة البرنامج إلى مسطحات عن طريق العلاقات Relationships: تتضمن الخطوة الثانية استيعاب و فهم العلاقات بين العناصر المختلفة. و يتم ذلك باستخدام مخطط العلاقات (bubble diagram) و هو أداة معروفة لدى المعماريين لدراسة العلاقات الوظيفية بين العناصر. و هو تصور تجريدى لبرنامج المشروع يلخص الأنشطة و العلاقات المطلوبة بينها. و لا يشترط أن تكون مسطحات الفقاعات الممثلة للعناصر هى نفسها مسطحات العناصر التى تمثلها بل يكتفى بتمثيل كل العناصر باى نسب.
3. دراسة أمثلة مشابهة للمشروع -Case Studies
بعد دراسة المصمم لبرنامج المشروع وعناصره ومكوناته وكذلك دراسة الموقع والبيئة المحيطة به، والتأثيرات البيئية ينبغي أن يقوم المصمم بالاطلاع على أمثلة لمشاريع مشابهة.. حتى لا يبدأ من الصفر، بل يبدأ من حيث انتهى الاخرون، وبذلك يتمكن بعد الفحص والتمحيص للمشروعات المشابهة من تلاشى السلبيات والإستفادة من الإيجابيات في صياغة جديدة تحمل بصمته.
لكن الإطلاع على أمثلة مشابهة تعد سلاح ذو حدين فبالرغم من أنها مفيدة للمصمم إلا أن لها سلبياتها فقد تسيطر أفكار المشروعات المشابهة على عقل المصمم وأفكاره فيجد نفسه أسير تلك الأفكار لا يستطيع الخروج عنها بفكرة جديدة من إبداعه شخصياً مما يؤدى إلى التكرار والإستنساخ، أو قد يقوم بعمل بعض التعديلات البسيطة بما يتوافق مع المساحة المتاحة والعناصر المطلوبة للمشروع الجديد، ليتم تنفيذها في مناطق تختلف كل الإختلاف عن المشروع الأصلي من حيث الموقع والبيئة المحيطة والتأثيرات البيئية والمناخية ..الخ
ومع ذلك فهناك الكثير من مشاهير المعماريين الذين أضافوا بل ابتكروا أفكاراً جديدة أبهرتنا وخلدت أسماءهم وأعمالهم.. فلو هم ارتكنوا إلى التقليد والتكرار لمبان قديمة قائمة ولم يجتهدوا ولم يعملوا الفكر ويبذلوا الجهد لما ظهرت أفكارهم الجديدة والمتطورة، ولما استطاعوا أن يحفروا أسماءهم وأعمالهم فى ذاكرة التاريخ.
4- إعداد دراسة جدوى لميزانية المشروع – Project Budget
ثم يقوم الاستشاري بعمل دراسة جدوى للمشروع وإخبار صاحب العمل بالتكلفة التقديرية المتوقعة للمشروع والتي تضمن سعر الأرض وتكاليف الانشاء، والمردود المتوقع في حالة المباني الاستثمارية، وسنقوم بتقديم دراسة جدوى لبعض المشاريع في الفترة المقبلة.
ثانياً: مرحلة التصميم: وتمر بعدة مراحل وهي:
5.1. عمل فكرة مبدئية للمشروع: Conceptual design
5.2. تطوير الحلول الأولية: Development of concepts رسم المساقط وتحديد الشكل الأولي.
5.3 إعداد التصاميم والرسومات التفصيلية النهائية لجميع التراكيب المعمارية والإنشائية والميكانيكية والصحية والكهربائية وغيرها اللازمة بصورة كاملة غير منقوصة لمقاييس رسم ملائمة لتكون وافية عند تطبيقها لإنجاز العمل.
5.4. دراسة الأسلوب الإنشائي:
من المهم أن يكون المعماري على دراية وإلمام بالنواح الإنشائية أو الخبرة العملية التنفيذية، وأن يفكر في الأسلوب الإنشائي الأمثل والذى سوف يستخدم لتحقيق الفكرة المعمارية بدون أن يجور عليها أثناء سير العملية التصميمية.
فهناك كثير من المشروعات المعمارية مرت بمراحل تعديل عديدة أثناء وضع التصميم الإنشائي لها، مما أثر بشكل كبير على الفكرة المعمارية، واضطر المعماري إلى التنازل عن محددات كان يعتبرها من أولويات فكرته المعمارية. فهناك العديد من التصميمات المعمارية تبدو جميلة ومتناسقة وتبهر الناظرين ولكن قد يصعب تنفيذها، ولابد أيضاً أن تأخذ في الحسبان الناحية الاقتصادية بجانب المتانة والأمان حتى تكتمل للمشروع عوامل النجاح المختلفة.
ثالثاً: تبدأ مرحلة المناقصة والعقد ثم مرحلة التنفيذ.
وعموما فإن مراحل التصميم لا تسير دائما حسب خطوات محددة، فهو ليس عملية “أوتوماتيكية” منظمة و موجهة و منطقية بمثل هذه الطريقة. و العملية التصميمية أيضا تجربة شخصية و مختفية و متكاملة و أحيانا تكون واضحة و أحيانا غامضة و أحيانا سريعة و أحيانا أخرى بطيئة جدا و مشوقة و مجهدة. و هى بصفة عامة إنسانية و ليست آلية.
لذلك يجب على المصممين والمعماريين مراعاة مراحل التصميم المعماري، وتطبيقها بشكل صحيح في كل مشروع يسند إليهم. تابعنا في المقال القادم لتتعرف على: مبادئ التصميم المعماري.