أبو الريحان البيروني

عندما نتحدث عن العقول الفذة في الحضارة الإسلامية، لا يمكن أن نتجاهل اسم أبو الريحان البيروني، العالم الموسوعي الذي برع في الفلك، الرياضيات، الجغرافيا، والفيزياء، حتى عُدَّ واحدًا من أعظم العلماء في التاريخ الإنساني. كان البيروني مثالاً للعالم المتعدد التخصصات، الذي جمع بين الملاحظة الدقيقة، والبحث التجريبي، والتحليل العقلي العميق.

الميلاد والنشأة:

وُلد البيروني في خوارزم (أوزبكستان حالياً)، والتي كانت في عهده تابعة للسامانيين وهي سلالة فارسية حكمت في بلاد ما وراء النهر وأجزاء من فارس وأفغانستان، والبيروني بلغة خوارزم تعني الغريب أو الآتي من خارج البلدة.

كان منذ صغرة عاشقاً للطبيعة، يهوى التجول في المراعي والبساتين متأملاً نباتاتها وازهارها المتنوعة حتى أن أمة صارت تكنية بأبي الريحان، وفي هذه المراعي والبساتين تفتح الطريق أمام البيروني إلى دراسة علم النبات وأسراره في هذه السن المبكرة.

الاحوال السياسية المعاصرة له:

رحلته في طلب العلم:

منهجه العلمي

ما يميز البيروني عن غيره هو المنهج النقدي التجريبي الذي سبق به عصره:

شغف لا ينطفئ:

لم يكتفِ البيروني بالكتب التي بين يديه، بل جعل من السفر وسيلة للعلم. فبعد رحيل أبو الريحان من خوارزم ظل يتنقل من بلد إلى بلد بحثاً عن الجديد أو هرباً من تقلبات الظروف السياسية، وكان يسجل ملاحظاته عن كل ما يقابله اثناء ترحاله، حتى استقر به المقام في جرجان في سن ال25 والتحق ببلاط الأمير أبو الحسن شمس المعالي  امير جرجان وطبرستان، ذلك الأمير الذي شغله العلم، وامتلأ قصره بالعلماء.

ولما علم الأمير شمس المعالي بقصة أبي الريحان وكثرة ترحاله، شمله بعطفه ورعايته وأعطاه الأموال الكثيرة، حتى تفرغ للعلم والتأليف، وفي سنة 390هـ عندما كان عمر البيروني 28 عاما، ظهر اهتمامه بعلم التاريخ وتأصيل الكتابة التاريخية والف كتابه الشهير “الآثار الباقية عن القرون الخالية” وقدم الكتاب هدية إلى الأمير .

مؤلفاته ودراساته

ترك البيروني ما يزيد على 150 مؤلفًا، من أبرزها:

كتاب الاثار الباقية عن القرون الخالية:

موسوعة في التاريخ والديانات والتقاويم. واحتوى الكتاب على معارف شتى ومتنوعة عن الأمم السالفة، ويشير في مقدمته بأنه سُئل من قبل أحد الأدباء عن التواريخ التي تستخدمها الأمم والاختلاف الواقع في الأصول التي هي مبادئها والفروع التي هي شهورها وسنينها والأسباب الداعية لأهلها إلى ذلك.

وعن كيفية حسابهم للشهور والاعوام والأعياد المشهورة والأيام المذكورة وذكر تواريخ الملوك وحدود ملكهم، وغيرها من عادات وتقاليد الأمم والطوائف المختلفة ومن فحوى هذه الأسئلة التي كانت سبباً لتأليف الكتاب نتعرف على:

كتاب القانون المسعودي:

موسوعة البيروني في الفلك والجغرافيا: يُعد كتاب القانون المسعودي من أعظم ما ألّفه أبو الريحان البيروني (973 – 1050م)، وهو عمل موسوعي ضخم ألّفه وأهداه إلى السلطان مسعود بن محمود الغزنوي، ومن هنا جاءت تسميته.

محتوى الكتاب: الكتاب ليس مجرد مؤلف في الفلك، بل موسوعة علمية شاملة تضم:

المنهج العلمي في الكتاب: ما يميز القانون المسعودي أنه لم يقتصر على النقل، بل اعتمد البيروني فيه على:

ولهذا عُدّ الكتاب المرجع الأشمل في الفلك قبل ظهور أعمال كوبرنيكوس بقرون.

أهمية الكتاب:

باختصار: كتاب القانون المسعودي هو تاج مؤلفات البيروني، ومثال على عبقرية المسلمين في الجمع بين العلم والدقة والبحث المستقل.

كتاب تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة: دراسة عميقة للحضارة الهندية، بروح الباحث المنصف لا الفاتح الغازي.

لم يكن كتاب القانون المسعودي مجرد سجل فلكي أو موسوعة جغرافية، بل كان شاهدًا على عبقرية عقلٍ مسلمٍ استطاع أن يجمع بين الدقة الرياضية والبصيرة الفلسفية، وبين الإيمان العميق والتجريب العلمي. لقد جسّد البيروني روح الحضارة الإسلامية التي جعلت من العلم جسرًا لفهم أسرار الكون، لا مجرد ترف فكري.

ولعظمة إنجازاته، لم يقتصر تقدير البيروني على عصره أو موطنه، بل امتد ليشمل العالم أجمع:

وهكذا يظل البيروني، بكتابه القانون المسعودي، شاهدًا خالدًا على أن العلم الحقيقي لا يعرف حدودًا، وأن الباحث عن الحقيقة يصل دائمًا إلى ما ينفع الناس ويبقى أثره خالدًا.

وبكدة نكون وصلنا لنهاية المقال عن: أبو الريحان البيروني

في المقال القادم نستكمل

للحصول على مزيد من المعلومات برجاء متابعى على المنصات التالية:

الفيسبوكhttps://www.facebook.com/profile.php?id=100088893776257

اليوتيوب: https://www.youtube.com/@ashrafrashad8031

التيك توك:https://www.tiktok.com/@ashraf.r1

الانستاجرام:https://www.instagram.com/ashraf.rashad.58/

Exit mobile version