ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع

ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع: هو عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي.

أولاً: الميلاد والنشأة: ولد في تونس عام 732هـ / 1332م في أسرة أندلسية عريقة نزحت إلى شمال إفريقيا بعد سقوط الأندلس. نشأ في بيئة علمية وثقافية، حيث كان والده وأجداده من أهل العلم والسياسة. تلقى علومه الأولى في تونس، وحفظ القرآن الكريم صغيرًا، ثم درس علوم اللغة، الفقه المالكي، التفسير، والحديث.

يُعدّ أحد أبرز المفكرين في التاريخ الإسلامي، بل والعالمي، إذ قدّم للبشرية علمًا جديدًا لم يكن موجودًا من قبل: علم العمران البشري أو ما يُعرف اليوم بـ علم الاجتماع. لم يكن ابن خلدون مجرد مؤرخ يسرد الأحداث، بل مفكر وفيلسوف حلّل أسبابها ونتائجها، ودرس طبيعة المجتمعات وقوانين تطورها وانحطاطها.

ثانياً: الاحوال السياسية المعاصرة له:

ثالثاً: ابن خلدون وميلاد علم الاجتماع

قبل ابن خلدون، كان المؤرخون يكتفون بتسجيل الأحداث دون التعمق في الأسباب. لكن ابن خلدون تجاوز ذلك، فابتكر علمًا جديدًا يدرس العمران البشري وقوانين قيام الدول وسقوطها. في مقدمته الشهيرة، كتب:
“فن التاريخ من الفنون التي تتداوله الأمم والأجيال، وتشد إليه الركائب والرحال، وتسمو إلى معرفته السوقة والأغفال، وتتنافس فيه الملوك والأقيال.”

وفي كتابه العظيم “المقدمة”، وضع الأسس الأولى لعلم الاجتماع، من خلال دراسة:

رابعاً: الأسس الإسلامية في نظرية الدولة عند ابن خلدون: بنى ابن خلدون نظريته على أنَّ للدولة أعماراً مثل أعمار البشر على الأسس القرآنية التالية:

المرحلة الاولي: أنَّ للدولة أعماراً ينتهي كيانها بنهايتها، ثُمَّ تخلفها دولاً أخرى أكثر نظاماً، وأشد قوة، وأوفر صلاحاً، من ذلك قوله تعالى: {وكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ}[1]، والقرية هنا، وفي آيات أخرى هي الدولة أو الدول، والقرية الظالمة هنا هي الدولة الفاسدة، فالظلم هو أشد ألوان الفساد.

المرحلة الثانية في حياة الدولة: مرحلة القوة والنماء، ورغد العيش، ولين الحياة مع الحفاظ على نعم الله، والامتثال لأوامره ونواهيه، وهذه المرحلة تستمد من الآية الكريمة {وضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الجُوعِ والْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}[2].

المرحلة الثالثة وهي مرحلة السقوط: فإذا مالت الدولة إلى البطر والظلم انتهى الأمر بها إلى الانحلال والضياع، ويتمثل ذلك في الآية الكريمة: {وتِلْكَ القُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً}[3]، فالعدل عامل مهم في تطوّر العمران والظلم أحد أهم أسباب الانهيار فهو مؤذن بخراب الحضارة.

وعلى هذه الأسس القرآنية استمد ابن خلدون هذه الأطوار الثلاثة، وهي طور النشأة والميلاد، وطور القوة والارتقاء، وطور التفتت والسقوط، أمَّا الطور الثاني في الدولة عنده، فهو مرحلة انتقالية للطور الثالث، والطور الرابع مرحلة انتقالية للطور الخامس، وقد استمد هذين الطورين من الواقع التاريخي للعالم الإسلامي، ومن القرآن الكريم فعنون فصله بـ: “الظلم مؤذن بخراب العمران”.

خامساً: النظرية الاقتصادية عند ابن خلدون: إن ما يميز نظريات ابن خلدون السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتربوية أنَّ أكثرها قابل للتطبيق في كل زمان ومكان.

ويعد ابن خلدون أول مفكر عالمي يرى أهمية الاقتصاد للسياسة، ففي الفصل الذي بعنوان: “نقصان الدفع يؤدي إلى نقصان الإيراد” يقول : “السبب في ذلك أنَّ الدولة والسلطان هما السوق الأعظم في العالم… فإذا حجب السلطان البضائع والأموال والإيراد، أو فقدت فلم يصرفها في مصارفها قلَّ حينئذ ما بأيدي الحاشية والحامية، وقلَّت نفقاتهم، وهم معظم المشترين (السواد) وهُجرت الأسواق (فيقع الكساد) وتضعف أرباح المنتجات، وتقل الجبايات لأنَّ الجبايات والضرائب تأتي من الزراعة والتجارة والتبادل التجاري الجيد والمعاملات التجارية، وطلب الناس للفوائد والأرباح.

ووبال ذلك عائد على الدولة بالنقص لقلة الجبايات الناتجة عن نقصان ثروة الحاكم أو الدولة … فالمال إنَّما هو متردد بين الحاكم والرعية منه إليهم ومنهم إليه، فإذا منعه (حبسه عنده) فقدته الرعية.

فهنا نجد ابن خلدون قد اعتبر الدولة هي السوق الأعظم أو قوة إنتاجية أو سوق منتجة، فإن كسدت وقلَّت مصارفها لحِقَ الكساد بقية السوق، وما توصل إليه ابن خلدون في هذا يعتبر اليوم من مفاخر علم الاقتصاد.

فقد اعتبر ابن خلدون أن الدولة تكون منتجة بحمايتها لمصادر الإنتاج، وتأخذ الضرائب مقابل حمايتها لهذه الثروات، ويرى أنَّ قلة الضرائب تؤدي إلى زيادة الاعتماد لتزايد الاغتباط بقلة المغرم، وبزيادة الضرائب يحدث العكس.

سادسًا: منهج ابن خلدون العلمي:

منهجه كان ثوريًّا بالنسبة لعصره، وتميز بما يلي:

هذا المنهج جعله يسبق عصره بمئات السنين في التحليل الاجتماعي.

أهم أفكار ابن خلدون:

أهم أقوال ابن خلدون:

🔹 “التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار، لكن في باطنه نظر وتحقيق.”

🔹 “الظلم مؤذن بخراب العمران.”

🔹 “من غلب على الدولة غلب على ما كان في أيديهم.”

🔹 “إذا دخلت الدولة في طور الهرم، كان ذلك إيذانًا بسقوطها.”

🔹 “الترف يفسد الأخلاق ويضعف العصبية.”

وفاته وإرثه:

توفي ابن خلدون في القاهرة سنة 1406م، تاركًا للعالم فكرًا خالدًا لا يزال يُدرّس حتى اليوم في علم الاجتماع والتاريخ. وقد اعترف المستشرقون الغربيون بفضله، حتى وصفه أرنولد توينبي بأنه أعظم فيلسوف للتاريخ في العصور الوسطى.

الخاتمة

ابن خلدون لم يكن مجرد مؤرخ، بل عبقري سبق عصره، وضع نظريات لا تزال صالحة لتفسير حركة التاريخ والمجتمعات حتى يومنا هذا. وما زال كتابه “المقدمة” مرجعًا عالميًا في الفكر الإنساني.


[1] (سورة الانبياء: 11)

[2] (سورة النحل: 112)

[3] (سورة الكهف: 59)

وبكدة نكون وصلنا لنهاية المقال عن: ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع

في المقال القادم نستكمل

للحصول على مزيد من المعلومات برجاء متابعى على المنصات التالية:

الفيسبوكhttps://www.facebook.com/profile.php?id=100088893776257

اليوتيوب: https://www.youtube.com/@ashrafrashad8031

التيك توك:https://www.tiktok.com/@ashraf.r1

الانستاجرام:https://www.instagram.com/ashraf.rashad.58/

Exit mobile version