العالم المسلم أبو الحسن محمد بن موسى الخوارزمي: ولد هذا العبقري الفذّ في بلدة خوارزم بإقليم تركستان وعاش في بغداد، واضع أسس علم الجبر الحديث وعالج الجبر بأسلوب منطقي علمي وأول من فصل بين علمي الحساب والجبر.
منهج الخوارزمى العلمي: نهج الخوارزمي كغيره من علماء العرب والمسلمين نهجاً علمياً يدل على نبل أخلاقه وعلو همته وسمو مقصده من تأليف كتبه، فقد أوضح في بداية كتابه الجبر والمقابلة الغاية التي من أجلها يؤلف العلماء دون المفاخرة بالنفس أو طلب الشهرة أو المنافسة للغير، أو طلب الأجر على ما يتحملونه من المشاق في كشف أسرار العلم ويقرر قاعدة هامة من قواعد البحث العلمى، وهى اتصال العلماء على مر العصور “فلم يزل العلماء فى الازمنة الخالية والامم الماضية يكتبون الكتب مما يصنفون من صنوف العلم ووجوه الحكمة نظراً لمن بعدهم واحتساباً للاجر بقدر الطاقة ورجاء أن يلحقهم من أجر ذلك وذخره وذكره، ويبقى لهم من لسان الصِدْق ما يصغر في جنبه كثير مما كانوا يتكلفونه من المؤونة ويحملونه على أنفسهم من المشقة في كشف أسرار العلم وغامضه “.
ويصنف الخوارزمى العلماء والباحثين – كلً فى تخصصه – إلى ثلاثة أصناف لا يخرج أى بحث علمى عن أحدهم وهم: “إما رجل سبق إلى ما لم يكن مستخرجاً قبله فورثه من بعده. وإما رجل شرح مما أبقى الاولون ما كان مستغلقاً فأوضح طريقه وسهل مسلكه وقرب مأخذه. وإما رجل وجد فى بعض الكتب خللاً فلم شعثه وأقام أوده وأحسن الظن بصاحبه غير راد عليه ولا مفتخر بذلك من فعل نفسه“. وبهذا يكون الخوارزمى قد وضع فلسفة التأليف العلمى فى عصره وبين ملامح الشخصية العلمية بأنبل الصفات وضرب المثل الاعلى فى حب العلم والمثابرة على البحث العلمى والاجتهاد فى كشف اسرار العلم والتمسك بالامانة العلمية عند النقد أو النقل.
الاحوال السياسية المعاصرة لة: عاش في بغداد، وبرز في زمن خلافة المأمون ابن هارون الرشيد (مدة خلافته من 198- 218 هـ/813- 833م)، ولمع في علم الرياضيات والفلك حتى عينه المأمون رئيساً لبيت الحكمة بعدما رأى نبوغه الفذ وتقدمه فيهما وعهد إليه بجمع الكتب اليونانية وترجمتها، وطلب إليه اختصار كتاب المجسطي، فاختصره وسماه كتاب السند هند، أي الدهر الداهر، كما عهد المأمون إليه برسم خارطة للأرض عمل فيها أكثر من 70 جغرافيا، وقد اشترك في حساب ميلان الشمس في ذلك العهد. وتناول أيضا مسائل في التنجيم من الناحية العملية. أعدالخوارزمي أيضا مجموعة من صور السموات والعالم نزولا على طلب المأمون.
الخوارزمى مؤسس علم الجبر
- ومن أهم أعمال الخوارزمي في الرياضيات (كتاب الجبر والمقابلة)، و(كتاب المختصر في حساب الجبر والمقابلة) حيث تُرجم هذا الكتاب لأهميته الكبيرة إلى لغات أخرى كاللغة اللاتينية، وكذلك (كتاب علم الحساب) الذي كان له دور كبير في معرفة العالم للرقم صفر والأرقام الهندية، كما أنّ الخوارزمي قام بتقديم جداول لإيجاد النسب المثلثة (جيب وظل زوايا المثلث)، وقدم كذلك الخوارزميات (بالإنجليزيّة: Algorithms) حيث تُستخدم هذه الخوارزميات في الرياضيات والحواسيب، ومن هنا أُطلق على الخوارزمي لقب أبي الحاسوب لدوره الكبير في الحواسيب من خلال الخوارزميات التي قدّمها، وغيرها من الإنجازات والمؤلفات، التي ما زالت تدرس حتى الآن وتُعتمد كمراجع موثوقة في جميع أنحاء العالم.
- ومما يمتاز به الخوارزمي أنه أول من فصل بين علمي الحساب والجبر، كما أنه أول من عالج الجبر بأسلوب منطقي علمي، ويعد كتاب “الجبر والمقابلة” من اشهر كتب الخوارزمى وقد قال في مقدمته: قد شجعني الإمام المأمون أمير المؤمنين… على أن ألّفتُ من حساب الجبر والمقابلة كتاباً مختصراً حاصراً للطيف الحساب وجليله لما يلزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم ووصاياهم، وفي مقاسمتهم وأحكامهم وتجاراتهم، وفي جميع ما يتعاملون به بينهم من مساحة الأرضين وكرْي الأنهار (توسيع مجراها وتنظيفها) والهندسة، وغير ذلك من وجوهه وفنونه ويعالج كتاب الجبر والمقابلة المعاملات التي تجري بين الناس كالبيع والشراء، وصرافة الدراهم، والتأجير، كما يبحث في أعمال مسح الأرض فيعين وحدة القياس، ويقوم بأعمال تطبيقية تتناول مساحة بعض السطوح، ومساحة الدائرة، ومساحة قطعة الدائرة، وقد عين لذلك قيمة النسبة التقريبية ط فكانت 7/1 3 أو 7/22، وتوصل أيضاً إلى حساب بعض الأجسام، كالهرم الثلاثي، والهرم الرباعي والمخروط.
- يعرف علم الجبر بأنه: إضافة شيء إلى كمية معلومة أو ضربه بها حتى يصير أحدهما مساوياً للآخر.
ومن هذا التعريف يتضح أن القصد منه هو العمليتان الجبريتان التاليتان :
م + س = ب م س = ب
كتاب الجبر كان أول كتبه عن الحل النظامي ’’للمعادلتان الخطية والتربيعية‘‘.
- وانتشر تطبيق هاتين العمليتين فصارتا تعنيان موضوع الجبر كله. وهو ذلك الفرع من التحليل الرياضى الذى يناقش الكميات باستخدام حروف ورموز عامة. ويعرف الجبر بالقاموس الرياضى بأنه تعميم لعلم الحساب، أى أن الحقائق الحسابية مثل 3×3=3+3+3 و 4 + 4 + 4 + 4+ 4 = 4 × 5 |……الخ. وكلها حالات خاصة من الحالات العامة الجبرية مثل س + س+ س+ س = 4 س حيث س هى أى عدد.
- ويبتدئ الخوارزمى كتابه الجبر والمقابلة ببيان الغاية والهدف من علم الجبر، ومدى نفعه للناس فيما يحتاجون إلية من الحساب، فيقول: ” إنى لما نظرت فيما يحتاج إليه الناس من الحساب وجدت جميع ذلك عدداً، ووجدت جميع الاعداد إنما تركبت من الواحد، والواحد داخل فى جميع الاعداد، ووجدت جميع ما يلفظ به من الاعداد ما جاوز الواحد إلى العشرة يخرج مخرج الواحد ثم تثنى بالعشرة وتثلث كما فعل الواحد فيكون منها العشرون والثلاثون إلى تمام المئة. ثم تثنى المائة وتثلث كما فعل بالواحد وبالعشرة إلى الالف، ثم كذلك تردد الالف عند كل عقد الى غاية المدرك من العدد“[1].
- أراد الخوارزمى أن يبتدع طرقاً جبرية تسهل هذا العلم الشائك، وقسم الخوارزمى الاعداد التى يحتاج اليها فى حساب الجبر والمقابلة إلى ثلاثة ضروب وهي: “جذور وأموال وعدد مفرد لا ينسب إلى جذور ولا إلى مال. والجذر يعنى “س”، والمال يعنى “س2″، والمفرد يعنى الحد الخالي من “س” [2].
وكذلك تنبّه الخوارزمي للكميات التخيلية، فقد قال: ” واعلم أنك إذا نصفت الأجذار في هذا الباب وضربتها في مثلها فكان ذلك أقل من الدراهم التي مع المال فالمسألة مستحيلة [3]
وقد علق الدكتور مصطفى مشرّفة ومحمّد مرسي أحمد على ذلك فقالا: ” تنبه الخوارزمي للحالة التي يستحيل فيها إيجاد قيمة حقيقية للمجهول، فقال إن المسألة تكون في هذه الحالة مستحيلة وبقيت معروفة بهذا الاسم بين علماء الرياضيات حتى بدأ العالم السويسري (ليوناردو أويلر (1707 – 1783) فى تعريف الكميات التخيلية بأنها: الكمية التي إذا ضربت بنفسها كان الناتج مقداراً سالباً. والجدير بالذكر أن الكميات التخيلية قادت فى النهاية إلى معرفة علم التحليل المركب الذى يعتبر من أهم العلوم الرياضية فى العصر الحديث.
- ومن الابواب التي يحتويها كتاب الجبر والمقابلة، باب الضرب والذي يبين فيه كيفية ضرب الاعداد والاشياء والجذور بعضها في بعض. يقول الخوارزمي: “اعلم انه لابد لكل عدد يضرب في عدد من أن يضاعف أحد العددين بقدر ما في الاخر من الاحاد…..” [4].
- وفيه باب الجمع والنقصان والقسمة، يعرض للعمليات الخاصة وقسمة المقادير الجبرية وطرحها وقسمتها. “اعلم أن جذر مائتين إلا عشرة مجموع إلى عشرين إلا جذر مائتين فهو ثلاثون إلا جذر مائتين… وإن أردت أن تقسم جذر تسعة على جذر أربعة، فأنك تقسم تسعة على أربعة فيكون اثنين وربعاً، فجذرها هو ما يصيب الواحد، وهو واحد ونصف“[5]
ثم باب المسائل (المعادلات) الست، ثم باب المسائل المختلفة، وهي تدور حول تكوين معادلات من الدرجة الثانية وكيفية حلها. وهذة المسائل قريبة الشبة جداً بما فى كتب الجبر الحديثه. أما المعادلات التى قسمها الخوارزمى إلى ستة ضروب أو أقسام، فيمكن الاشارة إليها فيما يلى:
- الاموال التى تعدل الجذور، ومثالها القول: مال يعدل خمسة أجذاره فجذر المال خمسة، والمال خمسة وعشرون، وهو مثل خمسة أجذاره.
- الاموال التى تعدل العدد، ومثالها القول: مال يعدل تسعة فهو المال وجذرة ثلاثة. وكالقول خمسة أموال تعدل ثمانين فالمال الواحد خمس الثمانين وهو ستة عشر.
- الجذور التى تعدل عدداً، ومثالها القول: جذر يعدل ثلاثة من العدد، فالجذر ثلاثة والمال الذى يكون منة تسعة.
- الاموال و الجذور التى تعدل عدداً، ومثالها القول: مال وعشرة أجذار يعدل تسعة وثلاثين درهماً، ومعناه أى مال إذا زدت عليه مثل عشرة أجذار بلغ ذلك كله تسعة وثلاثين.
- الاموال و العدد التى تعدل جذوراً، ومثالها القول: مال وأحد وعشرون من العدد يعدل عشرة أجذاره، ومعناه أى مال إذا زدت عليه واحداً وعشرين درهماً، كان ما اجتمع مثل عشرة أجذار ذلك العدد.
- الجذور و العدد التى تعدل الاموال، ومثالها القول: ثلاثة أجذار وأربعة من العدد تعدل مالاً.
وهذة الضروب الستة من المعادلات يعبر عنها باللغة الجبرية الحديثة كما يلى:
- م س2 = ب س
- م س2 = جـ
- ب س = جـ
- م س2 + ب س = ب س
- م س2 + جـ = ب س
- ب س + جـ = م س2
ثم قدم الخوارزمى حلاً لكل ضرب من هذه الضروب الستة بذكر أمثلة توضيحية مفصلة خالية من أستعمال الرموز، الامر الذى لأمر الذى تطلب منه جهداً كبيراً فى حل مثل هذه المسائل الجبرية. يقول الخوارزمى : “مالان وعشرة أجذار تعدل ثمانية وأربعين درهما, وهو يقدم طريقة الحل على هذا النحو:” ومعناه٬ أى مالين إذا جمعا وزيد عليهما مثل عشرة أجذار أحدهما٬ بلغ ذلك ثمانية وأربعين درهماً. فينبغى أن ترد المالين إلى مـال واحد٬ وقد علمت أن مالاً من مالين نصفهما٬ فاردد كل شئ فى المسألة إلى نصفه٬ فكأنه قال : مال وخمسة أجذار يعدل أربعة وعشرين درهمـاً.
اختراع الرقم صفر:
ينسب اختراع الصفر الذي بسط تمثيل الأرقام، إلى الخوارزمي، الذي لولاه لما تطورت الرياضيات ومن بعدها التكنولوجيا. وإذا كان الخوارزمي قد أخذ الأرقام عن الهنود، ولكنه مهر علم الحساب بطابع علمي لم يتوافر للهنود الذين أخذ عنهم هذه الأرقام، فهو الذي ادخل الصفر إلى الاعداد لتكون الاعداد الطبيعية.
وهو الذي استخدمها للمرة الأولى في العمليات (المسائل) الحسابية، ودل الناس على طريقة استخدامها، ثم دَوّن المسألة الحسابية تدويناً أبرز فيه ترتيب الأعداد في مراتب (خانات أو درجات) معينة، حتى تبرز الأعداد، ويصبح جمع الأرقام بعضها إلى بعض، أو طرحها أو ضربها أو قِسمتها ممكناً سهلاً، ويُعتقد أن هذا العمل قام في ذهن الخوارزمي على إدراك واضح للنظام العُشْريّ، ذلك لأن مراتب الأعداد هي أساس النظام العشري: إن العدد (4444) مثلاً مفروض فيه أنه كلما انتقل الرقم (4) من مرتبة إلى التي تليها يساراً ضُرِب في عشرة، وكذلك كلما انتقل من مرتبة إلى التي تليها يميناً قُسّم على عشرة، كما هو الحال في الرقم (4) في الأعداد التالية : 41111،14111،11411،11141،11114
انتقال الأرقام إلى أوروبا:
- عندما قدم عدد من طلاب العلم الأوروبيين إلى الأندلس، خلال القرنين الحادي عشر، والثاني عشر، لدراسة علوم العرب. ومن بين هؤلاء الطلاب، الطالب الإنجليزي روبرت الشستري Robert Chester، إذ ترجم مؤلفات الخوارزمي، سنة 1145م، مما عمل على تعريف أوروبا بالأرقام العربية. وصارت هذه الترجمة أساساً لدراسات كبار علماء الرياضيات الأوربيين. مثل ليونارد فيبوناكى.
- أما صاحب أكبر انجاز في نشر الأرقام العربية، في أوروبا، فهو ليوناردو فيبوناكي Leonardo Febonacci، صاحب “كتاب الحساب Liber Arabic” عام 1202م وجاء فـى خمسة عشر فصلاً٬ الأخير منها يبحث فى الحساب الجبرى.
- يلي ذلك ظهور كتاب “Algorismos” أي “الحساب الخوارزمي” لمؤلفه جون هاليناكس John Halifax، المشهور باسم “ساكرو بوسكو “Sacrobosco حوالي عام 1250م.
- وهنـاك ماستـر جاكوب Master Jacob من أهل فلورنسا الذى ألَّف فى الحساب والجبر كتاباً تاريخه سنـة 1307 م يجمـع كأحد كتب ليوناردو ستـة أنـواع من المعادلات الرباعيـة التى كان الخوارزمى قـد أوردها فى كتاب الجبـر والمقابلـة٬ والذى عرفت أوربا بواستطـه مبـادئ علـم الجبـر٬ ومعهـا لفظـة “الجبر” نفسها. وإلى مصنفـات الخوارزمى أيضـاً يرجـع الفضـل فـى نقـل الأرقـام الهندية – العربية إلى الغرب حيـث سميت باسمـه أول الأمـر algorisms والغريب أنها ترجمت إلى العربية باسم “اللوغاريتمات” وهى فى الاصل منسوبة إلى الخوارزمى، والصحيح أن تترجم الخوارزميات” أو “الجداول الخوارزمية”.
وقد نشر” فردريك روزن” كتاب الجبر والمقابلة سنة1831م فى لندن٬ ونشر كارنبسكى ترجمة أخرى مأخوذة من ترجمة الشسترى سنة 1915 من هنـا يتضح أن أعمال الخوارزمى فى علم الرياضيات قد لعبت فى الماضى والحاضر دوراً مهماً فى تقدمه٬ لأنها أحد المصادر الرئيسة التى انتقل خلالها الجبر والأعداد العربية إلى أوربا.. فعلم الجبر من أعظم ما اخترعه العقل البشرى من علوم، لما فيه من دقة وأحكام قياسية عامة.. فالخوارزمى هو الذى وضع قواعده الأساسية وأصوله الابتدائية كما نعرفها اليوم.
- وظل هذا الكتاب قروناً عديدة مرجعاً في أوروبا. وأن نهضة أوروبا في العلوم الرياضية انطلقت ممّا أخذه عنه رياضيوها، ولولاه لكانت تأخرت هذه النهضة وتأخرت المدنية زمناً ليس باليسير، وقد حققه الأستاذان علي مصطفى مُشَرَّفَة ومحمد مرسي أحمد، ونشر أول مرة في القاهرة سنة 1939م.
شهادة بعالمية الخوارزمى:
- عبر ألدو مييلي عن عظمة الخوارزمي بقوله : وقد افتتح الخوارزمي افتتاحاً باهراً سلسلة من الرياضيين العظام. وقد ظلت كتبه تدرس في الجامعات الأوربية حتى القرن السادس عشر. تعتبر انجازات الخوارزمي في الرياضيات عظيمة، و لعبت دورا كبيرا في تقدم الرياضيات و العلوم التي تعتمد عليها.
- سمى جورج سارتون فى كتابه (مقدمة من تاريخ العلوم) النصف الاول من القرن التاسع ب “عصر الخوارزمي” وذلك لان الخوارزمي كان أعظم رياضي فى ذلك العصر على حد تعبير سارتون، ويستطرد سارتون قيقول: “وإذا أخذنا جميع الحالات بعين الاعتبار فإن الخوارزمي أحد أعظم الرياضيين فى كل العصور[6].
- أكد الدكتور أى وايدمان أن أعمال الخوارزمي تتميز بالاصالة والاهمية العظمى وفيها تظهر عبقريته، كما قال الدكتور ديفيد بوجين سميث ولويس شارلز كاربينسكي فى كتابهما (الاعداد الهندية والعربية): “أن الخوارزمي هو الاستاذ الكبير فى عصر بغداد الذهبي، إذ إنه أحد الكتاب المسلمين الاوائل الذين جمعوا الرياضيات الكلاسيكية من الشرق والغرب، محتفظين بها حتى استفادت منها أوروبا المتيقظة أنذاك. إن لهذا الرجل معرفة كبيرة، ويدين له العالم بمعرفتنا الحالية لعلمى الجبر والحساب”[7]
وخلاصة القول إن الخوارزمي:
- يعد من أعظم العلماء في عصره، وقد كان له أعظم الفضل في تعريف العرب والأوربيين، من بعدهم، بنظام العدد العربي وفضلاً عن أنه واضع أسس علم الجبر الحديث وعالج الجبر بأسلوب منطقي علمي وأول من فصل بين علمي الحساب والجبر.
- أسس مدرسة رياضية لعبت دوراً هاماً فى تطـور الرياضيات و أطلع الناس على الأرقام الهندية، ومهر علم الحساب بطابع علمي لم يتوافر للهنود الذين أخذ عنهم هذه الأرقام.
- عن طريق الخوارزمى تـم الانتقـال أيضاً من القيمة العددية البحتة للأعداد إلى علاقتها بعضها ببعض. وقد مثـل هـذا التطور الذى أحدثه الخوارزمى مقدمة ابستمولوجية لكل من جاء بعده من علماء الرياضيات إن على المستوى العربى٬ أو على المستوى العالمى، الأمر الـذى يجعلنا نقرر أن كل علماء الرياضيات اللاحقين للخوارزمى، وقد أسسوا أبحاثهم بناًء على أعماله، إنما يعتبرون تلاميذ فى مدرسته الرياضية الممتدة من القرن الثالث الهجـرى، وحتى العصر الحديث.
- تعددت جوانب نبوغه. فترك آثاراً مهمة في علم الفلك وغدا (زيجه) مرجعاً لأرباب هذاالعلم.
- ويمكن القول أن نهضة أوروبا في العلوم الرياضية انطلقت ممّا أخذه عنه رياضيوها، ولولاه لكانت تأخرت هذه النهضة وتأخرت المدنية زمناً ليس باليسير.
المراجع:
[1] (الخوارزمى كتاب الجبر والمقابلة، تحقيق مصطفى مشرّفة ومحمّد مرسي أحمد، ملحق بكتاب د. ماهر عبد القادر محمد، التراث والحضارة الاسلامية ص 228)
[2] (نفس المرج السابق ص 229) [3] (نفس المرج السابق ص 233) [4] (نفس المرج السابق ص 270) [5](نفس المرج السابق ص 272) [6] العالم وبناء الامم د. راغب السرجاني ص 530 [7] اكرم عبد الوهاب: 100 عالم غيروا وجه العالم ص 20.