نشأة الجامعات فى العالم الاسلامي

نشأة الجامعات فى العالم الاسلامى: هناك العديد من المدارس والمؤسَّسات الدينيَّة والتعليميَّة التي تمَّ إنشاؤها في العصر الذهبي للحضارة العربية الإسلامية، ولكنَّها لم تكن جامعات بالمعنى الحديث للجامعة ولم تحقِّق أغلب الشروط التي توفَّرت لاحقاً في الجامعات الأوروبية في بداية عصر النهضة، وكانت اول مؤسسة تعليمية هى: جامعة الزيتونة في عهد الخلافة الاموية في دمشق، ثم “دار الحكمة” التى انشئت في عهد الخليفة هارون الرشيد عام 786م، ونشأ بيت الحكمة أولاً كمكتبة ثم أصبح مركزاً للترجمة، ثم مركزاً للبحث العلمي والتأليف، ثم أصبح داراً للعلم تقام فيه الدروس وتمنح فيه الإجازات العلمية، ثم ألحق به بعد ذلك مرصداً فلكياً هو مرصد الشماسية. وذلك قبل اوروبا بعدة قرون، ثم تلاه جامعة القرويين سنة 850 م فى فاس ثم جامعة الازهر سنة 97. م فى القاهرة ثم انتشرت الجامعات فى كل مكان.

جامعة الزيتونة: أقدم جامعة في العالم الإسلامي تأسست في العام 737 م (120هـ)، في عهد الخلافة الاموية في دمشق، كانت تقدم دروس دينية (فقه مالكي، حديث، قرأن، وكذلك دراسات أدبية وعلمية، من بين من درس فيها ابن خلدون، وحديثاً أبو القاسم الشابي، وأدت دوراً في نشر الثقافة العربية الإسلامية في العالم الاسلامي.

جامعة القرويين[1]: من أقدم الجامعات في العالم، وتقع في مدينة فاس بالمغرب، وهي مؤسسةً تعليمية تابعة لجامع القرويين، الذي قامت ببنائه السيدة فاطمة بنت محمد الفهري القرشي عام 245 هجرية المُوافق 859 ميلادية، في أثناء حكم الأدارسة، والذي أصبح فيما بعد واحدًا من المراكز الروحية والتعليمية الرائدة في العصر الذهبي للعالم الإسلامي. وقد بدأت الجامعة التدريس على شكل دروس وحلقات علم تعقد فيها، ويرى بعض المؤرخين أنها لم تُصبح جامعة إلا في عهد المرابطين. وقد أُدمجت في نظام الجامعات الحكومية الحديث في المغرب في عام 1382 هـ/1963 م.

كما أن تصميم وطراز المسجد يمثل العمارة المغربية والإسلامية التاريخية التي تضم زخارف متنوعة عديدة لفترات مُختلفة من التاريخ المغربي، واستقطبت الجامعة العديد من العلماء والفلاسفة، منهم ابن رشد وابن باجة، ومؤرخون مثل ابن خلدون وأطباء فلاسفة مثل ابن ميمون، وجغرافيون مثل الشريف الإدريسي، ومتصوفة مثل ابن حزم وعبد السلام بن مشيش، وغيرهم.

جامعة الأزهر: تُعتبر ثالث أقدم جامعة في العالم بعد جامعتي الزيتونة والقرويين، تتبع للأزهر الشريف، ومقرها الرئيسي بالعاصمة المصرية القاهرة، أنشأت سنة 970م، في أول عهد الدولة الفاطمية بمصر في عهد الخليفة المعز لدين الله الفاطمي ثاني خلفاء الدولة الفاطمية صلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان سنة 361هـ/972م، إيذانا باعتماده الجامع الرسمي للدولة الجديدة، ومقرا لنشر الدين والعلم في حلقات الدروس التي انتظمت فيه، وقد تحول الأزهر إلى النظم التعليمية الحديثة بحلول عام 1961م، وضم إلى جانب الكليات الشرعية والعربية كليات للطب وطب الأسنان والصيدلة والعلوم والتربية والهندسة، والإدارة والمعاملات، واللغات والترجمة ويتلقى طلابها قدرًا لا بأس به في العلوم الدينية، لتحقيق المعادلة الدراسية بينهم وبين نظرائهم في الكليات الأخرى.

بينما نجد أن اول جامعة فى اوروبا انشئت فى (سالرنو) بصقليه سنة 1090 م على عهد ملك صقليه روجر الثانى، ثم تلاها جامعة ( بادوا ) بايطاليا سنة 1222 م ، وكان يشرف على جامعة سالرنو عالم مسلم من الاندلس واخر يهودى اندلسى تعلم فى الجامعات العربية وكانت الكتب مترجمة من العربية.

مبنى الجامعة: كان الخلفاء يتباهون فى مبانى الجامعات من حيث الاناقة والفخامة والسعة .. وقد قيل ان احد اسباب تسمية الازهر بهذا الاسم انه كان محاطا بالبساتين المليئة بالازهار التابعة له.

ويصف المقريزى دار الحكمة التى انشاها الحاكم بامر الله فى القاهرة سنة 395 هجرية بانها لم تفتح للدراسة الا بعد ان فرشت وزينت وزخرفت وعلقت على جميع ابوابها وممراتها الستور وعين لها القوام والخدم ، وكان البناء عظيما جدا به اربعون قاعة تتسع القاعة الواحدة لنحو ثمانية عشر الف كتاب.

مدرسة وجامع سانكوري:

تسمى أيضًا جامعة سانكوري، وهي أحد ثلاثة مراكز تعليمية قديمة تقع في تمبكتو في مالي، وتعود جذور جامعة سانكور إلى مسجد سنكور الذي تأسس عام 379 هـ – 989م على يد القاضي عقيب بن محمود بن عمر، القاضي الأعلى في تمبكتو.

وهي واحدة من أقدم المراكز التعليمية الإسلامية في تمبكتو. قد ازدهرت جامعة سانكور وأصبحت مركزًا للتعلم في العالم الإسلامي، خاصة في عهد مانسا موسى (1307-1332) وأسرة أسكيا (1493-1591). وتم إدراج جامع سانكور الكبير في قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 1988، كجزء من تمبكتو.

المــــــــــدارس النظاميـــــــــــــــــــــــة

سميت بذلك نسبة لمؤسسها الوزير «نظام الملك الطوسي» والذي أنشأ المدرسة النظامية الأولى ببغداد وهي المعروفة حتى اليوم بالمدرسة المستنصرية، وقد نشر السلاجقة العشرات من المدارس في مختلف المناطق التي حكموها كما في البصرة، والموصل، واصفهان، ونيسابور، وبلخ، وهراة. ثم سرعان ما انتشر نموذج المدرسة النظامية معمارياً وإدارياً في أرجاء العالم الإسلامي،

حيث شهدت حركة التعليم في العالم الإسلامي خلال عصر السلاجقة في العراق وإيران إهتماما بالغاً من السلطان ألب أرسلان وملكشاه بالعلم والعلماء؛ وكانت المدارس النظامية قد شيدت بأكملها على نفقة الدولة، وأوقفوا لها الأوقاف، ومزجوا في مناهج التدريس بين الطابعين الديني والعلمي طبقاً للاحتياجات الخاصة بكل منطقة، فمن الناحية الدينية كانت تعقد دروس منتظمة لتخصصات الفقه والحديث النبوي وتعين لها الكتب التي سيعتمد عليها الشيوخ في التدريس وألحق ببعض المدارس قاعات لتدريس علوم مدنية لعلَّ أهمها على الإطلاق الطب والفلك.

التصميم المعماري للمدارس النظامية:

يقوم التصميم المعماري للمدارس النظامية السنية على توزيع إيوانات أربعة وقاعات أصغر للتدريس حول صحن أوسط مفتوح بحيث يخصص إيوان لكل مذهب من المذاهب السنية الأربعة مع عدد من القاعات للدروس التخصصية، وكذلك ليقوم أعضاء الهيئة المعاونة من المعيدين والمفيدين بإعادة شرح الدروس لمن يرغب من الطلاب من بعد صلاة العصر. ومنذ نشأتها الأولى ضم التصميم المعماري للمدارس السنية خلاوي أو طباق لإقامة طلاب العلم الذين كانوا يأتون للدراسة من مناطق مختلفة، ويعد ذلك الأصل الأول لفكرة المدن الجامعية ولعلَّ ذلك هو الذي دفع المستشرقين لتسمية هذه المدارس باسم الكليات أو المدارس العليا. ومع الاعتراف بوجود أنماط فرعية من هذا التخطيط تبعاً لاختلاف المناخ وتقاليد البناء إلا أنها تكاد تتفق في جوهر التصميم القائم على التقسيم الرباعي للإيوانات المعقودة حول صحن أوسط مفتوح.

وعندما قام صلاح الدين الأيوبي بتصفية الخلافة الفاطمية الشيعية بمصر استعان القائد السني الشافعي المذهب بأسلوب المدارس النظامية للتمكين لمذهبه بالبلاد فأنشأ عدة مدارس بالقاهرة والإسكندرية وحذا كل من الملك الكامل والصالح نجم الدين أيوب حذوه في ذلك، وكان يُشترط لتعيين مدرس في مدرسة نظامية أن يَكون شافعياً، وكانت هناك عدة مناصب إدارية هى:

وعندما كان يُنهي الطلاب تعلمهم في المدارس كانوا يُقدمون طلباً للحصول على “الإجازة”، وهي وثيقة تشبه الشهادة تثبت أنهم درسوا وتعلموا في هذه المدارس، وتتيح لهم لاحقاً الالتحاق بوظائف مثل القضاء والإفتاء والتدريس وغيرها.

مـــــــــــواد الدراسة: كانت الجامعات العربية تدرس علوم الدين الى جانب علوم الدنيا فكانت المواد التى تدرس فى الازهر الى جانب علوم الدين واللغة احدى عشر مادة هى: الحساب والميقات والجبر واسباب الامراض وعلاماتها وعلاجاتها والهندسة والهيئة (اى الفلك) وعلم المواليد الثلاثة الحيوان والنبات والمعادن (وهو ما يسمى حاليا التاريخ الطبيعى) والجغرافيا والتاريخ.

الزى الجامعى :

كان للجامعات الاسلامية تقاليد وتنظيم دقيق سبقت به احدث الجامعات العصرية… فكان للطلاب زى موحد بهم وللاساتذة زى خاص وربما اختلف الزى من بلد الى اخر ومن عصر الى عصر ولكنه كان فى الازهر عمامة وجبة وطيلسان، وقد اخذ الاوروبيون عن المسلمين الروب الجامعى المعمول به الان فى جامعاتهم .. وكان الخلفاء والوزراء اذا ارادوا زيارة الجامعة يخلعون زى الامارة والوزارة ويلبسون زى الجامعة قبل الدخول.

الطلاب ونظام التعليم :

الاساتذة :

وبكدة نكون وصلنا لنهاية حلقتنا النهاردة عن: نشأة الجامعات فى العالم الاسلامي، وفي الحلقة القادمة بأذن الله سوف نتحدث عن: العمران في عصر النبوة فتابعونا.


[1] تعتبر الجامعة وفقًا لليونسكو وبناءً على تصنيفات كتاب غينيس للأرقام القياسية أقدم مؤسسة تعليم عالٍ وأول جامعة تمنح إجازة في الطب في العالم وهي ما زالت تُدرَّس حتى الآن دون انقطاعٍ.

المراجع:

(1)”الطويل” العرب والعلم فى عصر الاسلام الذهبى، القاهرة 1968 ص 86-90 – “توفيق” تراثنا العربى الاسلامى، الكويت 1985 – ص 58-61

(2) المقدمات التاريخية للعلم الحديث من الاغريق القدماء الى عصر النهضة ل”توماس جولدشتاين” – طبعة(2003م) الناشر: سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ـ الكويت ، تقديم إيزاك أسيموف، ترجمة أحمد حسان عبد الواحد.

Exit mobile version