Web Analytics
أعمال التصميمتصميم معماريفيلات سكنية

حين يتحول الضوء إلى عنصر معماري

حين يتحول الضوء إلى عنصر معماري: تصميم وتنفيذ فيلا في اليونان

في أحد ضواحي أثينا الشمالية (اليونان)، وتحديدًا في قلب كيفيسيا، إحدى الضواحي الخضراء الراقية شمال أثينا، تقف فيلا 13 كعمل معماري يتجاوز حدود السكن التقليدي، لتغدو تجربة مكانية متكاملة، حيث لا يُنظر إلى المبنى بوصفه كتلة صامتة، بل كحوار مفتوح بين الضوء، والطبيعة، والإنسان.

فيلا 13 هي مسكن خاص يقع على قطعة أرض زاوية على مساحة تقارب 520 مترًا مربعًا، تنكشف الفيلا كقصيدة معمارية منحوتة في الأرض، مكوّنة من ثلاثة أجنحة مستقلة تتوزع برفق فوق منحدر طبيعي مُشجّر، في استجابة ذكية لطبوغرافية الموقع بدل فرض كتلة واحدة صلبة عليه.

  • المعماريون: Parthenios architects + associates
  • المساحة: 520 م²
  • السنة: 2019
  • استشاري الإضاءة: IFI Group
  • الإشراف على التنفيذ: Parthenios architects + associates
فيلا 13 باليونان

الفكرة المعمارية: العمارة كحالة شعورية

ينطلق التصميم من فكرة أساسية مفادها أن الخصوصية لا تتعارض مع الانفتاح، وأن الضوء يمكن أن يكون عنصرًا بنائيًا لا يقل أهمية عن الخرسانة أو الحجر.
لذلك، تم تفكيك الكتلة المعمارية إلى أجنحة متباعدة نسبيًا، مرتبطة بصريًا وحركيًا، لكنها تحتفظ باستقلالها الوظيفي والنفسي.

فيلا 13 في قلب كيفيسيا

يأتي اللون الأبيض لأسطح الطيّات في تضاد بصري مع اللون الرمادي الداكن للقاعدة، مما يسمح للتكوين المعماري أن يتطور على مراحل ويخلق إيحاءً بصريًا يخفي حقيقة أن المبنى يتألف من أربعة مستويات. كما تدخل الأسطح البيضاء الصارمة للطيّات الثلاث في حوار بصري مع مصفاة معدنية شبه شفافة باللون الرمادي الداكن في الجهة الجنوبية والغربية، لتوفير الخصوصية والظل.
هذا الغلاف، المكوّن من قضبان ألومنيوم عمودية مستطيلة، يعمل تقريبًا كقشرة خارجية جزئية موزّعة على مستويين:

  • المستوى الأرضي يحجب الرؤية،
  • بينما يحجب المستوى العلوي أشعة الشمس.

تعكس كتل المبنى نتيجة ثلاث طيّات متتابعة تحتضن المساحات الرئيسية للفيلا وتساعد التكوين المعماري على الالتفاف بسلاسة حول زاوية الأرض وعلى الصعود مع الانحدار اللطيف للموقع.

ايزوميترك وقطاع في الفيلا رقم 13 باليونان

تفاصيل الطيّات:

  • الطيّة رقم 1
    تحتوي على غرفة المعيشة ومنطقة الطعام ذات الارتفاع المزدوج، واللتين تلتقيان عند زاوية حادة.
  • الطيّة رقم 2
    تحتوي على جناح النوم الرئيسي، كما توفر مظلّة للمساحة الخارجية الخاصة بمكتب الطابق العلوي.
  • الطيّة رقم 3
    تحتضن غرف النوم الخاصة بالأبناء الثلاثة.
  • ورغم أن الطيّة رقم 1 فقدت جزءًا من انتظامها عندما قررت أن تميل إلى الداخل لتشكيل زاوية داخلية حادة متوترة، فإن هذا الميل مكّنها من توجيه الرؤية نحو المنظر الخارجي من الداخل، والأهم من ذلك أنه ساهم في إخفاء عمود الكهرباء المزعج الموجود عند زاوية الشارعين.

هذا التفكيك لا يخدم فقط الجانب الوظيفي، بل يسمح بتشكيل فراغات بينية تعمل كمناطق انتقالية، تُهيّئ المستخدم نفسيًا قبل الانتقال من فضاء إلى آخر.

التنظيم الفراغي: سيناريو معماري مدروس

جناح المعيشة: التعليق بين الأرض والسماء

أحد أبرز عناصر المشروع هو جناح المعيشة المُعلّق، الذي يبدو وكأنه ينفصل بصريًا عن بقية الكتل. هذا الجناح، المتموضع بعناية في زاوية الموقع، يمنح شعورًا بالتحرر والانفصال عن صخب الحياة اليومية، مع إطلالات مدروسة على الغطاء النباتي المحيط.

الفراغ الداخلي هنا يتسم بالانسيابية، حيث تتداخل مناطق الجلوس والطعام والمطبخ دون حواجز صلبة، مع فتحات زجاجية واسعة تسمح بتدفق الضوء الطبيعي طوال اليوم.

جناح النوم: الخصوصية كقيمة معمارية

في المقابل، صُمم جناح غرف النوم بروح أكثر انغلاقًا، مع فتحات محسوبة، وتوجيهات مدروسة تحمي الخصوصية دون حرمان الفراغ من الإضاءة الطبيعية.
العلاقة بين الداخل والخارج هنا أكثر حميمية، حيث تُستخدم الفناءات الصغيرة والفراغات نصف المفتوحة كوسيط بصري ونفسي.

التنظيم الفراغي فيلا 13 باليونان

الحركة الرأسية: الدرج كعنصر ضوئي

لا يُعد الدرج في هذه الفيلا مجرد عنصر وظيفي، بل هو تجربة معمارية قائمة بذاتها.
الدرج العائم، المُضاء بالكامل بنور الشمس الطبيعي، يتحول إلى محور بصري يربط بين المستويات المختلفة، ويعمل كمنحوتة داخلية تتغير ملامحها على مدار اليوم بتغير زاوية الضوء.

هذا الاستخدام الذكي للضوء الطبيعي يعزز الإحساس بالحركة الزمنية داخل الفراغ، ويجعل الانتقال بين الطوابق تجربة حسية لا آلية.

الواجهات والمواد: صمت أنيق

تعتمد الواجهات على لغة معمارية هادئة، قائمة على التباين بين الكتل الصماء والفتحات الرأسية الدقيقة.
استخدام الشرائح الرأسية (Louvers) لا يخدم فقط الجانب الجمالي، بل يعمل كعنصر تحكم بيئي في الضوء والظل، ويؤكد الطابع المتوسطي المعاصر للمبنى.

المواد المختارة — بين الخرسانة المصقولة، والزجاج، والأسطح ذات الملمس الناعم — تُسهم في إبراز نقاء الفكرة دون افتعال، وتسمح للمبنى بأن يندمج بصريًا مع محيطه الطبيعي.

العلاقة مع الموقع: احترام الطبوغرافيا

أحد أهم نجاحات المشروع يتمثل في تعاملِه الذكي مع الانحدار الطبيعي للأرض.
فبدل تسوية الموقع وطمس ملامحه، استثمر التصميم هذا الانحدار لخلق مستويات متدرجة، تمنح كل جناح إطلالته الخاصة، وتُقلل من الأثر البصري للكتلة المعمارية على المشهد العام.

خاتمة: عمارة تُرى وتُحَسّ

فيلا 13 ليست مجرد مسكن فاخر، رأينا حين يتحول الضوء إلى عنصر معماري في تجربة معمارية قائمة على التوازن:
توازن بين الخصوصية والانفتاح،
بين الكتلة والفراغ،
وبين الصمت والضوء.

إنها عمارة لا تفرض حضورها بالصخب، بل بالهدوء، لا تسعى للإبهار اللحظي، بل لخلق علاقة طويلة الأمد بين الإنسان والمكان.
رحلة سينمائية عبر الهندسة والظلال والصمت… حيث يصبح الضوء هو المعماري الحقيقي.

المراجع: موقع https://www.archdaily.com/

للحصول على مزيد من المعلومات برجاء متابعى على المنصات التالية:

الفيسبوكhttps://www.facebook.com/profile.php?id=100088893776257

اليوتيوب: https://www.youtube.com/@ashrafrashad8031

التيك توك:https://www.tiktok.com/@ashraf.r1

الانستاجرام:https://www.instagram.com/ashraf.rashad.58/

م. أشرف رشاد

هنا يمكنكم الاطلاع على فنــــــــــــون العمارة المختلفة ولان العمارة هي ام الفنون فسنلقي الضوء على المبادئ الأساسية للهندسة المعمارية مثل: تاريـــــــــــــــــخ وطرز العمارة عبر العصور المختلفة، وأهم النظريات والمدارس المعمارية، وكذلك التصميم المعماري عبر تحليل الأفكار المعمارية للمشاريع المختلفة، وأعمال الديكورات الداخلية والتشطيبات، نسأل الله أن ينفع بهذا العمل ويكون خالصاً لوجهه الكريم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى