مرت عمارة القرن العشربن بتحديات كبيرة ومراحل متعددة حتى أصبحت ذات تأثير كبير يواكب التطورات المادية التي واكبت القرن العشرين ونحاول في هذا المقال القاء الضوء على جوانب من مراحل تطور العمارة ونبدأ بتعريف العمارة هي المرآة الصادقة التي تعكس ثقافة الشعوب والتعبير الدقيق لحضارة الإنسان وتطوره عبر التاريخ.
عرّف المعماري الروماني (فتروفيوس) العمــــارة قبل ألفي عام فيقول العمارة يجب أن تعبر عن «المتانة والبهجة أو الجمال والوظيفة» Firmness, and Delight Commodity
المعماري الفرنسي الشهير (لوكوربوزييه) في كتابه نحو عمارة ما سنة 1923 يعرّف العمــــارة بمقدرة المصمم على الإثارة، ويؤكد على أن استخدام الطوب والخرسانة في تشييد البيوت والقصور يعتبر مجرد نشاط بناء، بينما العمارة تظهر متى استطاع المعماري إدخال السرور والبهجة على الناظر.
أما المعماري الأمريكي (فرانك لويد رايت) فيقول “العمـــارة المعاصرة ما هي إلا عمارة عضوية، نابعة من الطبيعة ومتكيفة معها فالمبني هو جزء من الطبيعة ينمو ويخرج منها معبراً عما فيه ومتجاوباً مع ما حوله..”
والعمارة يمكن أن تكون أداة للمساهمة في صنع الحضارة إذا روعي في نتاجها القوانين المختلفة السائدة في المجتمع، ومواد البناء المناسبة للمكان وديمومته بما يؤدي إلى جعل المكان أكثر راحة لشاغليه خاصة في تصميم الفراغات وعلاقاتها مع بعضها.
لذلك المصمم المتميز هو من لا يتقيد بالبرنامج الوظيفي فقط ولكن يهتم أيضاً بالتأثيرات المختلفة لمكونات التصميم على الرائي والمستعمل، كذلك لمدى خلودها لأطول فترة زمنية ممكنة. فلو اهتم القدماء ببناء عمارة للاستعمال فقط لما بقي لنا من موروثهم شيئاً، لكنهم فضلوا التضحية من أجل البقاء. فلقد كلف بناء الأهرامات المصريون القدماء الكثير” اجتماعيا، اقتصاديا وتقنيا” كل ذلك من أجل الخلود. عكس الاهتمام المعاصر بتحقيق أكبر قدر ممكن من التأثير بأقل التكاليف مما يجعلها تفتقر لمبدأ البقاء وتؤكد مبدأ سرعة الإنجاز وقلة الإتقان. ولقد أدى هذا التوجه إلى عدم صمود تلك النوعية من المباني الحديثة لفترات طويلة واحتياجها المستمر للصيانة.
تكوين الحركة المعمارية الحديثة:
أدى التقدم العلمي والتكنولوجي الذي شمل معظم مجالات الحياة في نهاية القرن التاسع عشر لتغير كثير من موازين الفكر المعماري، وهناك عدة أحداث هامة تعتبر من العوامل الاساسية التي ساهمت في قيام عمارة الحداثة في القرن العشرين منها:
- الثورة الصناعية: هو مصطلح يطلق على التغيرات والتطوير الذي يحدث في وسائل الانتاج، وكانت الثورة الصناعية الأولى في بريطانيا عام (1733م) والتي أدخلت الماء والبخار كعنصرين لـ«ميكنة» الإنتاج. ثم إنتقلت إلى باقي أنحاء أوروبا وأمريكا، وأثرت بعد ذلك بشكل واضح في التطور المادي لطبيعة الأشكال المعمارية Form، وكان لظهور المواد والتقنيات البنائية الجديدة الفضل في التطور الفعلي للأساليب الإنشائية مثل:
- إستخدام الحديد والفولاذ كعنصر إنشائي في الخرسانة المسلحة: وكان الفرنسي فرانسوا كونيه Coignet أول من استخدم الخرسانة المسلحة المقواة بقضبان حديدية، كأسلوب لبناء المباني، وفي عام 1853، بنى كونيه أول هيكل خرساني مقوى بالحديد، وهو منزل من أربعة طوابق في ضواحي باريس.
- اختراع المصعد: في عام 1852 قام المخترع الأمريكي اليشا كرافس اوتس باختراع منظومة المسك الميكانيكي والتي تقوم بمسك العربة بشكل أوتوماتيكي على السكك عند انقطاع حبال السحب أو حدوث كسر في عتلة التعليق أو زيادة سرعة الماكينة مما أدى إلى زيادة ثقة الناس في ركوب المصاعد، وفي عام 1854 عرض اوتس المصعد في معرض كريستال بالاس والذي أقيم في نيويورك، والأمر الذي أدى لظهور أول ناطحة سحاب من مباني المكاتب والشقق في شيكاغو، وأصبح المصعد الكهربائي من اهم المنظومات الخدمية في المباني ويعتبر من تطبيقات الهندسة الكهروميكانيكية أو الميكاترونكس وأصبحت الحاجة للمصاعد الكهربائية ضرورة لكي تنجح المباني الرأسية.
- تطوير تقنيات صناعة الزجاج: يعود تاريخ صناعة الزجاج إلى نحو سنة 3500 قبل الميلاد في بلاد الرافدين أو مصر، وكان القصر الزجاجي الذي بناه جوزيف باكستون سنة 1851 م كدار للمعارض الكبرى، باكورة المباني التي استخدمت الزجاج كمادة أساسية في البناء، وأوحى هذا المبنى للعامة استخدام الزجاج كمادة للبناء في العمارة المحلية.
- الثورة الفرنسية (1789م) وكان لها تأثير غير مادي في الإطار الفكري حيث نادت بتطبيق مبادئ الحرية والعدل والمساواة، وانعكس ذلك تغيير المناخ الفكري والعلمي والاجتماعي وظهور إحتياجات جديدة مثل تجمعات المصانع الكبرى وظهور مدن سكنية كبرى للعمال، كما تغيرت الفعاليات في المبني الواحد نتيجة للتطور التقني فظهرت المصانع والمخازن والمباني الإدارية والثقافية والفنادق والمعارض وغيرها وكان على المعماريين إيجاد لغة وتعبيرات معمارية مستحدثة تتناسب مع هذا الاتجاه الجديد، وقد سادت الاتجاهات العقلانية والعاطفية في تلك المرحلة.
- تزايد عدم رضى المعماريين على الاتجاه المعماري المنتشر في تلك الفترة، ورفضوا إحياء الأساليب التاريخية المتمثلة في إستخدام العناصر الزخرفية التي تعود إلى فترات وأنماط معمارية مختلفة، ودعوا للعودة إلى أساسيات العمارة وهي: الشكل والهيكل والتناسب.
إتجاهات ما قبل الثورة الصناعية:
وإذا نظرنا إلي العمارة في عصور ما قبل الثورة الصناعية في فترة عصر النهضة وفترة النبلاء نجدها تهتم بالشكل بصورة أبهرت الكثيرين بجمالها وتشكيلاتها الفنية فمن الكلاسيكية التي شاعت في النصف الثاني للقرن الثامن عشر وكانت حركة مضادة لطراز الباروك والروكوكو إلي الحركة التاريخية Historism بألمانيا وهو طراز شاع بعد الطراز الكلاسيكي أي في الفترة من 1820 – 1920
إلى اليسار: أوبرا باريس للمعماري Garnier نموذج لطراز الباروك الجديد 1875
ما هي الحـــــداثة؟ هي حركة فلسفية وحركة فنية نشأت من تحولات واسعة في المجتمع الغربي في أواخر القرن 19 وبداية القرن 20 ، حيث عكست الحركة الرغبة في تبسيط الاشكال ونبذ الزخرفة، وإنشاء أشكال جديدة تعكس العالم الصناعي الناشئ حديثًا، حيث بدأ المعماري يتعامل مع أحجام ووظائف جديدة ومتغيرة للمباني لم يتعامل معها سابقاً،
عمارة الحداثة – Modernism:
مرت عمارة الحداثة في الفترة من 1750م – لما بعد 1980م بعدة مراحل ضمت خلالها عدة مدارس وهـــي:
- مرحلة الميلاد: في الفترة من 1750م وحتى 1890م حيث حدث صدام بين معماريي الحداثة والمعماريين الكلاسيكيين.
- عمارة الحداثة Modernism في الفترة من 1890 -1945 وكان لرواد العمارة الأوائل دور بارز في التقدم بخطى أكثر ثقة وثبات وسرعة نحو تحقيق قيم وأهداف عمارة الحداثة، وفقدت هذه الحركة كثير من قوتها الأيديولوجية بوفاة لوكوربوزية عام 1965.
- مدرسة الحداثة المتأخرة Late Modernism في الفترة من 1945 -1980 وتسمى أحيانا بالهاي تيك أو بعمارة التقنية العاليةArchitecture. High-Tech ، ونلاحظ في تلك الفترة المغالاة في تطبيق الأفكار الحداثية، كما في أعمال، كما في أعمال لويس كان، ايرو سارنين، ليو مينج بي، بول رودلف، مايكل جريفز.
- مدرسة ما بحد الحداثة New Modernism بدأت مع مطلع ثمانيات القرن العشرين “منذ 1980م” حيث نقل بعض المعماريين أفكار الفيلسوف الفرنسي “جاك دريدا” والتي تناولت فكرة تفكك المعنى وإمكانية قراءة النص الادبي بأكثر من إسلوب إلى العمارة فيما عرف بعد ذلك بالعمارة التفكيكــــــــــية.
- الطور الأول من أطوار عمارة القرن العشرين في الفترة من 1750م وحتى 1890م (مرحلة الميلاد):
نلاحظ أن الحركة المعمارية الحديثة في بدايتها كانت تستعير من المفردات والتعابير المعمارية التي استخدمت في العمارة الكلاسيكية لعمارة عصر النهضة ثم بعد نضوج ورسوخ الأفكار المعمارية وظهور عناصر معمارية جديدة فإنها بدأت تتطور وتنمو وتولد عمارة جديدة اختلفت في صفاتها وخصائصها ومفرداتها مع سابقتها، وشهدت تحولاً نحو الفكر العقلاني والاتجاة نحو التكنولوجيا، كما يتضح من المثالين التاليين:
أ. قصر الكريستال Crystal Palace
اعتبر تصميم قصر الكريستال Crystal Palace للمعماري جوزيف باكستون Joseph Paxton بلندن سنة 1851 بمثابة خطوة متطورة في حركة العمارة للأجيال اللاحقة وذلك باستخدام عناصر ومفردات معمارية بشكل جديد حيث قدم الحديد والزجاج كمعيار تقني أمام المعماريين وغير وجه العمارة في القرن التاسع عشر وحرص المصمم علي استخدام التماثيل والحدائق في داخله لخلق فضاءات تخفف من حدة تكرار العناصر.
ب. برج ايفلEiffel Tower
أرادت الحكومة الفرنسية أن تبني مبنى شاهقا يخلد ذكرى الثورة الفرنسية، وتم إختيار التصميم الفريد من نوعه، ليكون أعلى برج سياحي في العالم، وسُمي على أسم مصمم البرج المهندس الفرنسي “جوستاف إيفل”.Alexandre Gustave Eiffel وتم الانتهاء من البرج في مارس 1889م
يصل إرتفاع برج إيفل إلي حوالي 324 متر، شارك في بناؤه 50 مهندسا و 300 عامل، واستغرقت عملية البناء 21 شهرا، لينتهي العمل في 31 مارس 1889، بتكلفة 6.5 مليون فرنك في ذلك الوقت، بزيادة 1.5 مليون عما كان متوقعا قبل بداية العمل، ويتكون من 18.038 قطعة حديد، و 2.5 مليون مسمار، ليزن إجماليا حوالي 10 آلاف طن، كما أنه يرتكز على أربعة أعمدة، بينهم قاعدة أبعادها 125× 125، أي بمساحة 15.625 متر مربع.
كما اتجه عدد كبير من المعماريين في أوروبا وأمريكا إلي الأسلوب المبسط خاصة بعد أن استخدمت مادة الحديد في برج ايفل، وفي أبنية عديدة وخاصة محطات القطارات كما وان ظهور حركات فنية جديدة كالتكــــــــــــــعيبية Cubism والتجريدية Abstract وحركة الفن الحديث Art Nouveau وكان اتجاهاً جديداً معارضاً للطراز التاريخي ثم بعد الحرب العالمية الأولي ظهرت الحركة التعبيرية وامتدت حتى سنة 1925 ثم النظرية الوظيفية Functionalism ومع بداية العشرينات من القرن العشرين ظهر الطراز الدولي International Style الذي حول العمارة إلي نموذج واحد يطبق في معظم الدول الأوربية بدلاً من أن تعبر العمارة عن بيئة وظروف كل مجتمع كلها أسباب كان لها ابلغ الأثر في بزوغ العمارة الحديثة في مطلع القرن العشرين وأدت إلي تكوين اتجاه معماري جديد أطلق علية عمـــــــــــــــــارة الحداثـــــــــة
2. الطور الثاني: لمراحل تطور العمارة في القرن العشرين في الفترة من 1890 -1945
الطراز الدولي International Style:
والذي يشمل عدة مدارس معمارية تتصف بنفس الصفات تقريباً، وقد صيغ مصطلح «الطراز العالمي» لأول مرة عام 1932 من قبل المعماري فيليب جونسون وهنري هيتشكوك في مقال لهما، حيث عقد معرض MOMA في نيويورك بالولايات المتحدة، ويعتبر أول معرض معماري ضم المعماريين الذين ارتبطوا بحركة الحداثة، ليميز الأسلوب الجديد للعمارة الأوربية الحديثة في عقد العشرينات من القرن العشرين. وهو الأسلوب الذي ابتكر لأول مرة من قبل جيل الرواد الأول من معماريين أمثال: والتر جروبيوس، وسوليفان، وميس فان دورو، ولوكوربوزية، حيث وضعوا الأسس التي سارت على نهجها العمارة حتى وقتنا المعاصر وبلور هؤلاء الرواد أفكارهم من خلال اتجاهات ومدارس معمارية جديدة في النصف الأول من القرن العشرين، اختلفت باختلاف شخصية وبيئة كل منهم وطريقته في الابتكار ساعدهم في ذلك الحاجة لإنشاء منشآت كثيرة بعد الحرب العالمية الأولي مما فتح المجال أمام المعماريين ليطوروا الحركة المعمارية الحديثة لتواكب متطلبات العصر، وقد إعتمد الطراز الدولي على عدة مبادي هي:
- حلت بعض الاعتبارات مثل الوظيفة وبساطة التفاصيل في نهج التصميم واستخدام مواد تحقق نسباً جمالية بدلاً من الاعتماد على الزخرفة المنتشرة أنذاك، وفضلوا الطلاء أحادي اللون، خاصة اللون الابيض.
- استخدام الهيكل الخرساني بدلاً من نظام الحوائط الحاملة للمبنى، والإيقاع المنتظم للنظام الانشائي فتحقق المسقط الافقي الحر والخالي من العديد من الجدران، وانعكس على الواجهات حيث يمكن عمل النوافذ من العمود للعمود دون إعاقة الجدران.
- التركيز على الحجم بدلاً من الكتلة، أي التعامل مع الحيز والمستويات التي يشغلها المبنى.
- تخفيض تكلفة البناء، وتقليص مدة تنفيذ المشروع، واستخدموا في الغالب مواد مسبقة الصنع خاصة بعد الحرب العالمية الأولى.
منزل ريتشارد مانديل Richard H. Mandel في نيويورك نموذج للطراز الدولي الحديث. يعتبر منزل ريتشارد مانديل أحد الأمثلة للطراز الدولي الأمريكي، صممه المعماري – إدوارد ستون حيث دمج كفاءة التصميم مع الاناقة، واستخدم الطلاء الابيض أحادي اللون، والفتحات الشريطية المستمرة كما في تصميم لوكوربوزية لفيلا سافوي.
وفيما يلي نلقي الضوء على أهم المدارس المعمارية ورواد الجيل الأول من المعماريين:
2. وولتر جروبيوس: ومدرسة الفن الجديد أو الباوهاوس Art Nouveau:
الباهاوس تعني بيت البناء وقد أنشأها هنري فان دوفيلد Henry Van de Velde سنة 1906، ثم أسندت إدارة المدرسة إلي وولتر جروبيوس Walter Gropius عام 1919.
وتعتبر مدرسة الباهاوس الألمانية من أكبر المؤثرين على نشوء الطراز الدولي، وكانت تهتم بالحرف اليدوية، ثم اهتمت بالحرف القائمة على إستخدام الماكينة، تأثرت المدرسة بأفكار الفنان والمعماري الإنكليزي ويليم موريس William Morris (1834-1896) المؤسس النظري للحركة المعمارية الحديثة وأول داعية لدمج وتطويع الناتج المعماري وتطبيع الآلة معه من خلال الاستفادة منها واستخدمها في إثراء العملية التصميمية، ويلاحظ أن مدرسة الباهاوس تجمع بين المدرسة التكعيبية والتعبيرية، ومن مبادئ المدرسة:
- خلط العمارة بالفن والتكنيك الصناعي.
- تنظيم المبادئ التصميمية لتناسب عصر التكنولوجيا الحديثة.
- ظهور الأفكار الخاصة بسبق التجهيز والتوحيد القياسي.
- التصميم على موديول مع عدم استخدام الزخارف.
- استخدام الألوان الفاتحة لتأكيد الوظيفة، والاهتمام بالنسب والتناسب.
- كما تميزت أعمال المدرسة بتأكيدها على الشكل form من خلال التجديد باستخدام المواد الإنشائية الجديدة ولقد امتدت حركة الفن الحديث وأثرت في العديد من الأقطار الأوربية.
قام جروبيوس بتصميم مجموعة مباني المدرسة بالاشتراك مع أساتذة وطلبة المدرسة واشتهر جروبيوس بعمل الغلاف الخارجي للمبني من مواد خفيفة الوزن كالزجاج.
وانتقلت المدرسة من مدينة Weimer إلي مدينة Dessau بألمانيا سنة 1926 وأطلق عليها الباوهاوس أي بيت البناء House of Building ويظهر في التكوين المعماري للمدرسة مبدأ الوظيفة من خلال فصل مبني المدرسة و الورش و إسكان الطلبة وكانت رؤية جروبيوس للعمارة تتركز في أنها نتاج مجموعة Team work يقوم المعماري فيها بدور المنظم Coordinator لكل الأعمال وبهذا اختلف جروبيوس عن جيل الرواد الأول فبينما كانت عمارتهم تعبر عن ناتج فكر ومحاولات شخصية كانت عمارة جروبيوس ناتج فكر الجماعة واستمر في إدارة المدرسة حتى سنة 1928 ثم غادر ألمانيا إلي انجلترا واستقر في أمريكا كرئيس لقسم العمارة بجامعة هارفارد سنة 1938
تتكون المدرسة من مجموعة من المباني، ويحتوي المبنى الأكبر
على الورش التابعة للباوهاوس والمبنى الآخر على
الفصول والمكتبة التابعين لمدرسة الحرف لمدينة ديساو, ويصل
بينهما جسر يحتوي على الإدارة وقسم العمارة ومن الجهة
الآخرى مساكن الطلبة الموجودة على خمسة طوابق وبه 28
غرفة وملحقاتها، ويتصل الدور الأرضي بصالتي المطعم والمسرح
وتحته المغسلة والمطبخ وباقي الخدمات، والمباني كلها من الخرسانة المسلحة.
3. ميس فان دورو (1886-1969) Mies Van der Rohe
أمريكي ولد في برلين وخلف جروبيوس في إدارة مدرسة الباهاوس من سنة 1928 حتى 1930 بعد رحيل جروبيوس إلى انجلترا ثم هاجر إلي أمريكا، وبعد الحرب العالمية الثانية هاجر ميس فان أيضا إلى أمريكا, ونتيجة لذلك تأثرت العمارة الأمريكية بفكر الباوهاوس والعمارة الألمانية بشكل عام.
تميز أسلوبه بأنه أعطي للإنشاء صراحة تامة وصنعة من الصلب الذي يعبر عن الصلابة والوضوح فكان دائما هيكل المبني من الحديد الصلب ثم يغطي بالزجاج الذي يحيط تماماً بالهيكل الإنشائي وهذا الاتجاه هو عكس اتجاه استخدام الخرسانة التشكيلية كأعمال لوكوربوزية أو التكوينات الكتليه التي تتألق من فراغات كاتجاه لويس كان من الجيل لثاني من الرواد واعتبر جروبيوس إن أسلوب فان دورو قد سبق العصر بما يقرب من 50 سنة وله كلمته المشهورة التي حاول بها الاتجاه إلي البساطة الزائدة وحذف كل ما هو غير ضروري بمعني إن الأقل في التفاصيل هو الأكثر جمالاًmore less is ولكن معارضوه رفعوا شعار إن الأقل في التفاصيل هو الأفقر less is poor
المقر الرئيسي لشركة سيغرام الكندية للتقطير: Seagram Building هو ناطحة سحاب يقع في نيويورك، صمم المبنى كل من ميس فان دير روه وفيليب جونسون. يبلغ ارتفاع المبنى 157م،
ويتكون المبنى المكتبي من 38 طابقاً بارتفاع 157م، وهو نموذج للطراز الدولي، واكتمل بناؤه عام 1958، بني المبني من الفولاذ والزجاج، وتم إستخدام العوارض البرونزية والتي لا تحمل أوزاناً على واجهاته.
اتجاهات العمارة في الفترة من 1945-1914 شهدت تلك الفترة نشوب حربين عالميتين هما:
- الحرب العالمية الاولى: خلال الفترة من 1914 – 1918 وإرتبطت هذه الفترة بأزمة الاسكان في أعقاب الحرب العالمية الاولى، وسعت الاتجاهات في هذة الفترة لتوفير أعداد كبيرة من المساكن في فترة قياسية قصيرة.
- الحرب العالمية الثانية: خلال الفترة من 1939 – 1945 وما أحدثتاه من هلاك ودمار كبيرين على المستوى العمراني والمعماري، مما تتطلب سرعة كبيرة في إعادة الاعمار والتخلي عن التفاصيل والزخارف، وملامح الترف نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي مر بها العالم، وتطويع التكنولوجيا للوصول إلى البساطة والتجريد وحذف ما هو زائد عن الحاجة.
- وظهرت خلال تلك الفترة: 4. العمارة الفاشستية: Fascist Architecture: أدى الطموح السياسي في ظل حكم موسوليني في إيطاليا من عام 1922 إلى عام 1943 وفي المانيا بمجرد وصول هتلر إلى السلطة في عام 1933 حتى وفاته عام 1945 وتحويل ألمانيا إلى ديكتاتورية، إلى التوظيف السياسي للمنتج المعماري للتعبير عن القوة والسيطرة، فاقتدى هتلر بعمارة الإمبراطورية الرومانية، في النمط المعماري الألماني المستوحى من العمارة الكلاسيكية الجديدة وعمارة آرت ديكو، كما أمر ببناء مبنى مذبح النصر، المستوحى من عمارة اليونانيين.
أبرز المعماريين الفاشيين الإيطاليين والألمانيين في ذلك العصر:
ألبرت شبير: وكان المهندس المعماري الألماني المفضل لدى هتلر. صمم الملعب الألماني وكان لديه خطط لإعادة بناء برلين حول قاعة ضخمة تسمى فولكسهاله، باستخدام العمارة الفاشية.
جوزيبي تيراغني: من أبرز أعماله كازا ديل فاسسيو.
مارسيلو بياسينتيني: من أبرز أعماله المقاطعة الفاشية في روما.
واصبحت المباني في أوروبا تأخذ الطراز الكلاسيكي الذي يتميز بالمبالغة في الزخرفة والتناظر والضخامة. إلى اليسار: كاتدرائية ميلانو إلى اليسار حيث قاد موسوليني مسيرة الزحف إلى روما بدءاً من ميلانو.
في عام 1933م أصدر هتلر أوامره بإغلاق معهد الباوهاوس، وقام جنوده باعتقال العديد من طلبة وأساتذة هذا المعهد، وتسببت الحركة النازية في ألمانيا والفاشية في ايطاليا في تعطيل حركة العمارة الحديثة بكل منهما واتجهت العمارة مرة أخري إلي الكلاسيكية، وقد أدت تلك التصرفات إلى هجرة العديد من المعماريين الألمان إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ولقد ساهمت هجرة العديد من المعماريين من ألمانيا أمثال جروبيوس وميس فان أثناء فترة الحكم النازي في دفع عجلة العمارة بأمريكا ونلاحظ أن شرق أمريكا تأثر باتجاهات مدرسة الباوهاوس عن طريق جروبيوس، وان غرب أمريكا تأثر بأعمال مندلسون، وفي أمريكا الجنوبية كان لليكوربوزية تأثيره علي المعماريين وخاصة في البرازيل.
5. لوكوربوزييه le Corbusier والمدرسة الوظيفية:
- لوكوربوزييه فرنسي سويسري الأصل (1887-1965) أحد المعماريين الذين قدموا الكثير للعمارة الحديثة تتميز مبانيه في الفترة من 1925-1930 بالشكل التكعيبي واللون الأبيض وهو نفس الاتجاه الذي كان ملحوظاً في أعمال جروبيوس في تلك الفترة، كما أنه أضاف مفهوم النسبة المعيارية من أجل الحفاظ على مقياس إنساني في عمله، وقد نشأ في منطقة ذات كثافة سكانية عالية مثل سائر أنحاء أوروبا، فرسخ في تفكيره محاولة تركيز المباني وامتدادها راسياً لتوفير الأرض للمناطق الخضراء.
- اخذ لوكوربوزييه مبادئ أوجست بيرية الذي تزعم أسلوب البناء بالخرسانة المسلحة والتي اظهر بها جراءة كبيرة في معالجاته المعمارية كنقطة بداية وانطلق منها لتحقيق أهدافه، ووضع مبادئ خمسة للعمارة الحديثة، وفي عام 1927 تمكن لو كوربوزييه من بناء نماذج عمارات الشقق السكنية لأول مرة في معرض فاسينهوف بشتوتغارت، ونشر نقاطه الخمس في أصول تصميم المسكن الحديث في كنالوج المعرض وهي:
- إعطاء الاستمرارية للفراغات العامة عن طريق رفع المبني عن الأرض بأعمدة حتى يمكن استغلالها لامتداد الحدائق واستمرار الفضاء الخارجي وعدم قطعة بالبناء.
- إعطاء استمرارية بين الداخل والخارج عن طريق استعمال الشبابيك المستمرة من العمود للعمود بدلاً من الشبابيك الصغيرة.
- التصميم الحر للواجهات نتيجة لاستعمال النظام الهيكلي.
- المسقط الحر نتيجة استخدام نظام الهيكل الخرساني في الإنشاء ونقل الأحمال عن طريق الأعمدة فأصبحت وظيفة الحوائط مجرد فصل فراغات فأعطي حرية أكثر في التصميم.
- سقف عملي يعمل كحديقة السطح Roof Garden، يستعيد بها الطبيعة التي يشغلها المبنى.
فيلا سافوي بفرنسا: تم بناؤها بين عامي 1928 و1931 صمم لو كوربوزييه المشروع
باستخدام الخرسانة المسلحة، كنموذج على مبادئة الخمس للإنشاءات الجديدة، وتمثل الفيلا أصول العمارة الحديثة وهي واحدة من أكثر الأمثلة شهرة على الطراز الدولي. استمر سافوي في العيش في المنزل حتى عام 1940، وغادر خلال الحرب العالمية الثانية. حيث تم احتلالها مرتين خلال الحرب: الأولى من قبل الألمان وتم استخدامها كمخزن للتبن، ثم من قبل الأمريكيين، أُضيفت الفيلا إلى السجل الفرنسي للآثار التاريخية في عام 1965، لتصبح أول مبنى حديث في فرنسا يتم تعيينه كنصب تاريخي، وأيضًا أول مبنى يتم ترميمه بينما كان المهندس المعماري لا يزال على قيد الحياة.
- ثم قدم لوكوربوزييه مشروعا حداثي الطبع في تصميمه المعماري في مسابقة مقر عصبة الأمم في جنيف، وبالرغم من وجود تأييد لتصميم لو كوربوزييه من قبل بعض صغار أعضاء لجنة التحكم، فقد جاء قرار لجنة التحكم في نهاية الأمر بحجب الجائزة الأولى، وإلغاء مشاركة لو كوربوزييه بسبب طريقة الإظهار المعماري التي خالف فيها شروط المسابقة، وتم لاحقا تكليف أربعة من المتقدمين بعمل تصميم مشترك جاء بشكل محافظ أكثر تقليدية وانسجاما مع المبادئ التصميمية المعروفة والمتبعة في مدرسة الفنون الجميلة.
- وبالرغم من عدم فوز تصميم لو كوربوزييه بالمسابقة فقد حظي بإعجاب غالبية الكثير من المعماريين الشباب في ذلك الوقت، وقد عكست نتائج المسابقة الفجوة المتنامية بين المعماريين أنصار المناهج التقليدية لأكاديمية الفنون الجميلة، والمعماريين الأكثر حداثة مثل لو كوربوزييه.
- واعتبر كثير من المعماريين أن قرار لجنة التحكيم قرارا رجعيا بحق العمارة الحديثة.
6. مجموعة (CIAM)الدولية:
- في عام 1928 سارع عدد من كبار المعماريين الحداثيين من سائر أنحاء الدول الأوربية وفي مقدمتهم لو كوربوزييه، بتأسيس تجمع مؤسسي اُطلق عليه المؤتمر الدولي للعمارة الحديثة Congress International Architect Modern وأطلق عيها مجموعة (CIAM)الدولية، وكان للمجموعة دور كبير في تطوير عمارة الحداثة ولقد قامت المجموعة بعقد (10) اجتماعات خلال الفترة من 1928 حتى 1956 ولقد أدت هذه الاجتماعات إلي إرساء قواعد وأسس لانطلاق الحركة المعمارية الحديثة وصياغة أهم مبادئ العمارة وتخطيط المدن الحداثي التي تأثرت بالحياة الاقتصادية والاجتماعية والتقنية، ومن مبادئ الطراز الدولي:
- أن يكون الفراغ الداخلي مرناً يتناسب مع إحتياجات شاغليه.
- يهدف الموديول المنتظم لاخضاع المساقط الافقية والواجهات لنظام قياسي ولتحقيق الاستغلال الأقصى للمساحة.
- تجنب التراكيب أو التعقيد التشكيلي، وأكد هذا المبدأ على ضرورة استخدام الكتل والاشكال الهندسية النقية وتجريد المبنى من البروزات.
7. لويس سوليفان Louis Henri Sullivanوالمدرسة الوظيفية في أمريكا:
تقول بعض الآراء إن مصدر الوظيفة هي مدرسة الباوهوس وكل من تعلموا فيها وساروا علي نهجها مثل لوكوربوزية في أوروبا من خلال مبادئ التخطيط ومبادئ العمارة الوظيفية أما في أمريكا فكان سوليفان ورايت وكل منهم تعامل مع النظرية الوظيفية حسب مفهومة لها فالمعماري الأمريكي لويس سوليفان 1856 –1924 Louis Henri Sullivan تزعم سياسة رفض التقليد والاقتباس من العمارة القديمة بكل أنواعها وطرزها والزخارف الناتجة عنها.
رفع لويس سوليفان 1856 –1924شعاراً بأن الشكل يتبع الوظيفة Form Follows Function حيث يقول: ” إنه القانون المنتشر لكل الأشياء العضوية، وغير العضوية، من كل الأشياء الفيزيائية والميتافيزيقية، لكل الأشياء البشرية وكل الأشياء البشرية الفائقة، من جميع المظاهر الحقيقية للرأس، قلب، الروح، التي الحياة يمكن التعرف عليها في تعبيرها، هذا الشكل يتبع وظيفة. هذا هو القانون. “- 1896
بمعني أن الشكل يُستنبط من الوظيفة, ووظيفة المبني في رائه هي السبب في وجود المبني والأشكال يجب أن تكون بسيطة و تعكس التطور التقني في البناء بالإضافة إلي اختزاله لوجود الزخارف التي كانت في الحقبة الكلاسيكية السابقة .
– الاستمرارية في الفضاء فالفضاء يجب أن يكون مستمر وشفاف بين الداخل والخارج .
– الابتعاد عن أي رموز تاريخية أو تعبيرات تراثية أو طرز سابقة against history
كما يرتبط إسم لويس سوليفات ببداية الدعوة للعمارة العضوية حيث كان يتكلم عن الطبيعة كمصدر الهام في التصميمات المعمارية، ولذلك كان له تأثير كبير على تلميذه فرانك لويد رايت الذي نادى بعد ذلك بالعمارة العضوية.
مبني دين وايت للمعمار لويس سوليفان: وهو مبني إداري مكون من 13 طابق، إتبع في تصميمه الاسس النظرية التي حددها
8. فرانك لويد رايت والمدرسة العضوية Organism
تهدف المدرسة العضوية بشكل عام الى احترام البيئة المحيطة بالمبنى، بحيث يتكامل المبنى مع ما حوله، من خلال استخدام المواد المتوفرة في البيئة، أو من خلال الاضاءة والتهوية والتدفئة والتبريد والرؤية بحيث يبدو المبنى جزء لا يتجزأ من البيئة المحيطة به، فالمبنى يصبح في النهاية جزء متفاعل مع الطبيعة. وعالج الكثير من المعماريين هذه الفكرة بطرق عديدة مثل حسن فتحي في مصر.
يعد فرانك لويد رايت 1869-1959: رائد المدرسة العضوية وواحد من رواد العمارة الحديثة بشكل عام تتلمذ على يد المعماري لويس سوليفان حيث عمل في مكتبه وعمرة 18 عاماً، وسرعان ما اكتشف سوليفان براعة رايت في الرسم وقدرته على التصور والتخيل فقربه إليه وكلفة بالعمل في تفاصيل وزخارف واحد من أكبر المشاريع التي يقوم بها المكتب وهو دار أوبرا شيكاغو، وتفوق على كل زملائة بالمكتب، إلا أنه إنفصل لاحقاً عن مكتب أستاذة سوليفان ليبدأ أعمالة بنفسة.
وقد دافع عن نظرية الوظيفة وربطها بالاتجاه العضوي فقد كان يؤمن بأن الشكل والوظيفة هما شيء واحد form and function are one.
واستفاد من أفكار أستاذه ثم طورها وأضاف عليها من عبقريته وأحدثت تصميماته ثورة كبيرة في العمارة وخاصة في المباني السكنية الخاصة ومن مبادئ المدرسة العضوية:
- استخدم مواد البناء بشكلها الطبيعي والتأليف بين مواد الانشاء والطبيعة المحيطة بالمبنى.
- المسقط الحر المفتوح وامتداد التراسات أفقياً إلى مسافات كبيرة خارج المبني بالإضافة إلي تكامل وتفاعل المبني مع الطبيعة المحيطة من حوله.
- المبنى ينمو من الداخل إلى الخارج لذلك يجب الاهتمام بالوحدة العضوية في التصميم.
- التكامل بين المبنى بفراغاته وتكوينه الداخلي والمظهر الخارجي.
- الشكل والوظيفة شيء واحد.
اشتهر رايت بتمرده على أسلوب العمارة الكلاسيكية وميله إلى التجدد واستطاع رايت في ” بيت كاوفمان ” الريفي والذي يسمي ببيت الشلال– في بنسلفانيا 1936 أن يحقق كثيراً من أفكاره ومنها الخروج عن إطار البيت الصندوق المحاط بأربعة جدران باستخدام شرفات مفتوحة تعمل بنظام الكابولي بحيث تعطي انطباع كأنها معلقة في الهواء فوق الشلال ونابتة من كتلة الصخور المجاورة واستطاع رايت أن يوظف عناصر الطبيعة كمصبات شلال الماء وينسج مع عناصره المعمارية لوحة فنية تمتع الناظربحيث نرى سقوط الماء وانسيابه بين جدران المنزل وفتحاته وكأن المنزل مسقط الماء ويضيف جمالا أخر إلى جمال المنظر الطبيعي، بتلاحم استخدام الحجر المستخرج من ألاماكن القريبة من موقع البيت في إكساء الجدران وتغليفها على إيقاع أشكال طبقات صخور الأحجار المطلة على النهر ومن أعمالة أيضا:
مصنع جونسون للشمع استوحي رايت النظام الإنشائي لمبانيه من الطبيعة فمثلا التكوين الإنشائي للمصنع استوحاة من زهرة “بهجة الصباح”.
رايت- مصنع جونسون للشمع 1936
متحف كوكنهام الحلزوني- صمم عام 1945 ونفذ عام1959 أتبع فيه رايت مبدأ الشكل يتبع الوظيفة وحاول فيه لفت نظر الزائر للمتحف إلى اللوحات الفنية والتحف المعروضة خلال طبقات المتحف المختلفة مع تسهيل الإنارة الطبيعة عن طريق القبة العلوية فوق المبنى. كما ارتبط اسم بيوت البراري بفرانك لويد رايت، لما أبدعه فيها من جمال تصميمي و إنشائي.
رايت- متحف كوكنهام نيويورك 1959
مدرسة الفن الجديد Art Nouveau Architecture
في مطلع القرن العشرين اجتاحت حركة معمارية جديدة انحاء اوروبا من عام 1890 حتى بداية الحرب العالمية الاولي 1906 موظفة التقنية الجديدة في البناء في اسلوب زخرفي متقن، اسلوب متأصل بالطبيعة، اسلوب تجتمع فية الاشكال المنمقة معا لتكوين بنية جرئية ومتقنة بخطوط انسيابية واشكال مستوحاة من قلب الطبيعة مع استخدام الزجاج والحديد المطوع، الفن الجديد لم يركز على الخارج فقط وإنما عمارة متكاملة من الداخل والخارج ايضا كانت اعمال هذة المرحلة تنبئ بثورة معمارية، لكن لم يمضي وقت طويل حتى ترك الفن الجديد الساحة للعمارة الحديثة. وبرز من المعمارين في هذة المرحلة:
- فيكتور هورتا في بروكسيلVictor Horta:
- انطونيو جاودي في برشلونة بأسبانيا- Antoni Gaudi 1852-1926 ,lk Hil Hulhgi:
انطونيو جاودي: تميزت أعمالة بالجراءة والابتعاد عن الخطوط المستقيمة والاشكال الهندسية المنتظمة، وحاول الوصول إلى لغة جديدة معتمدة على مبدأ النحت الشامل للكتلة المعمارية، بدلاً من الاسلوب الذي اعتداد عليه معظم معماريي اسلوب الارت نوفو وهو التوظيف الزخرف النباتي فن عناصر المبني.
منزل كازا ميلا Casa Milà لجاودي
يتضح في هذا المبنى أسلوب جاودي في توظيفة للخطوط المنحنية التي تعطي أشكال تموجية بشكل رائع وجميل، ويتكون المبنى من سلسلة من الجدران الحجرية من الخارج، مع شرفات حديدية على واجهات متموجة، ونوافذ كبيرة، وعلى السطح تشاهد المداخن التي تشبه المخلوقات السريالية، بحيث يبدو المبنى وكأنه قطعة فنية للهندسة المعمارية. وأصبح المبنى علامة مميزة لعمارة برشلونة. وأعلن لاحقاً ان المبنى موقع للتراث العالمي من قبل اليونسكو، وتم فتحه للجمهور.
وأهم ما يميز هذا المبنى هو تصميمه المميز والمبتكر للغاية والذي جاء على شكل مبنيين مقوسان يتحدان من الأطراف ليكونا مبنى واحد دائري مجوف من الداخل مما يساهم في توصيل الضوء الطبيعي لجميع غرف المبنى، إلى جانب واجهته المميزة المصنوعة من الحجروالحديد وشرفاته المموجة ، مما يجعل تصميم وتنفيذ مثل هذا المبنى له متطلبات خاصة للغاية وكان من الصعب جدا تدبيرها في مثل هذا الزمن.
صور لمنزل كازا ميلا من الخارج والداخل
نقد عمـــارة الحداثــــــة:
فشل الطراز الدولي في الانتشار في كل أنحاء العالم، وتلقى انتقادات واسعة نتيجة لما يلي:
- وصف المعماري فرانك لويد رايت الطراز الدولي بالصيغة السهلة التي يمكن لاي شخص نسخها، نتيجة تشابه المباني حتى بات من الصعب أن تفرقها عن بعضها وإلى خلق نوع من الملل الرتيب من رؤية الأشكال المتشابهة.
- بينما رأى المعماري مس فان دي رو: بأن عمارة الحداثة بلا مشاعر إنسانية، وأن إهمال لغة الذاكرة التاريخية في الحداثة المعمارية، دفع المعمار إلى التعويض عن التاريخ بالحوافز الصناعية، فأصبحت الحداثة مجرد هواية ومغامرة اعتباطية.
- بدت الصناديق المصنوعة من الفولاذ والزجاج محبطة، وانتشرت مباني الطراز الدولي في الكثير من المدن دون النظر للتقاليد والثقافة المحلية والاجتماعية للشعوب.
- ظهور اتجاه بتمجيد الفوضى بدلاً من النظام بعد إطلاق روبرت فنتوري Robert Venturi كتابة التعقيد والتناقض في العمارة حيث يقول “إن التقريب من الفوضى يعطى نوعاً من القوة والتأثير للمكونات المعمارية”
- ظهر اتجاه أخر وهو الحنين إلي الماضي والعودة إلى التراث و المحلية وخلق أشكال معمارية تُستلهم من التراث عن طريق الدلالات الرمزية.
ونتيجة لذلك تشكل رد فعل ضد عمارة الحداثة، منذ منتصف الستينات، وسعى المعماريون لإنشاء هياكل أكثر حرية، وأكثر خيالية، فاستخدموا بعض العناصر الزخرفية مع مواد البناء الحديثة، لخلق مجموعة متنوعة من التأثيرات الجديدة، كأعمال لويس كان Louis Kahn من الجيل الثاني وبرزت الأفكار التي تنادي بعمارة حديثة ترتبط بالموروث الحضاري الأمر الذي جعل المنظر المعماري شارلز جانكس يطلق عبارة “عمارة ما بعد الحداثة”.
عمارة ما بعد الحداثة” Post Modernism وهي عمارة كلاسيكية منهجية تدعم الفكر الكلاسيكي التاريخي، وانتشرت على نطاق واسع، ونتعرض لها في المقال القادم بإذن الله.
المراجع:
تطور الفكر المعماري في القرن العشرين د. محمد محمود عويضة
العمارة وأساليبها والأسس النظرية لتطور أشكالها د. محمد شهاب احمد – د. عبد الصاحب حمودي
بقلم مهندس/ اشرف رشاد عبد الفتاح – نشرت المقالة في مجلة المجلس العدد: الخامس-السنة الثالثة – مايو 2006.