مدرسة العمارة الخضراء في مصر: تشهد مصر في السنوات الأخيرة اهتمامًا متزايدًا بمفهوم العمارة الخضراء، وهو توجه عالمي يهدف إلى تحقيق الاستدامة في قطاع البناء من خلال تقليل الأثر البيئي للمباني، وترشيد استهلاك الطاقة والمياه، وتعزيز استخدام المواد المحلية الصديقة للبيئة. في ظل التحديات التي تواجهها مصر، مثل ندرة المياه وارتفاع تكاليف الطاقة، أصبحت العمارة الخضراء ضرورة وليست رفاهية، حيث تسعى الدولة والقطاع الخاص إلى دمج ممارسات البناء المستدام في المشاريع الجديدة.
1. مفهوم العمارة الخضراء وأهدافها
العمارة الخضراء هي نهج تصميمي يركز على تقليل الأثر البيئي للمباني طوال دورة حياتها، بدءًا من اختيار الموقع، مرورًا بمواد البناء، وصولًا إلى التشغيل والصيانة.
أهداف العمارة الخضراء تشمل:
- تقليل استهلاك الطاقة والمياه.
- تحسين جودة الهواء الداخلي.
- استخدام مواد بناء محلية وصديقة للبيئة.
- تعزيز الراحة الحرارية والإضاءة الطبيعية.
- تقليل الانبعاثات الكربونية.
هذا المفهوم لا يقتصر على المباني السكنية فقط، بل يشمل المدارس، المستشفيات، والمباني التجارية، مما يجعل العمارة الخضراء جزءًا أساسيًا من التنمية المستدامة.
🌿 2. سياسات وتقنيات مدرسة العمارة الخضراء:
يقول المعماري جيم:س ستيل في كتابه “العمارة الخضراء”: “…الاستدامة تتطلب توظيف المهارات التي يستعملها المعماري بشكل أفضل كالتحليل، المقارنة، التأليف، والاستنتاج وهي تقود إلى الخيارات الجمالية التي لها أساس في الحقيقة بدلاً من الأنماط التشكيلية. والمعايير الدولية في تطبيقات العمارة المستدامة الخضراء في العالم هي:
- معايير LEED: في الولايات المتحدة الأمريكية وهي اختصار Leadership in Energy and Environmental Design ، وهذه المعيار تم تطويره بواسطة المجلس الأمريكي للبناء الأخضر USGBC، وتم البدء بتطبيقها في عام 2222 م. والآن يتم منح شهادة LEED للمشاريع المتميزة في تطبيقات العمارة المستدامة الخضراء في العالم.
2. معايير BREEAM: هي واحدة من الأنظمة الرائدة للتقييم البيئي للمباني والذي يضع مجموعة من المعايير القياسية للتصميم المستدام، حيث يعتمد نظام التقييم على مجموعة النقاط التالية: إدارة المشروع – صحة المستخدمين جودة البيئة – الطاقة – النقل – المياه – الخامات والمخلفات – استعمال الأرض والبيئة – التلوث. حيث يتم إعطاء كل نقطه من النقاط السابقة تقييم ثم يتم تجميع درجات التقييم معا لإعطاء تقييم للمبنى يتراوح بين (مقبول – جيد – جيد جدا – ممتاز).
3. مدرسة العمارة الخضراء في مصر: الواقع والتوجهات
تسعى مصر إلى مواكبة الاتجاهات العالمية في الاستدامة من خلال عدة مبادرات، أبرزها:
- نظام الهرم الأخضر (GPRS) Green Pyramid Rating System: وهو نظام تقييم للمباني الخضراء أطلقه المجلس المصري للأبنية الخضراء Egypt Green Building Council، لتصنيف المباني وفق معايير الاستدامة. ليساعد على تحديد شكل البناء الأخضر المصري. هناك ثلاثة مستويات للحصول على شهادة الأبنية الخضراء وفقا لنظام التصنيف المصري للعمارة الخضراء: ويُصنّف المباني إلى مستويات: معتمد، الهرم الفضي، الهرم الذهبي، والهرم الأخضر. [egypt-gbc.org] و يعد المجلس المصري للعمارة الخضراء منهج بناء كامل للاستدامة من خلال إدراك الأداء في سبعة مجالات رئيسية هي: مواقع التنمية المستدامة – ترشيد استهلاك المياه -كفاءة استخدام الطاقة والبيئة – اختيار نظم ومواد البناء – جودة البيئة في الأماكن المغلقة – عملية التصميم والابتكار -إعادة تدوير النفايات الصلبة.
- المشاريع الحكومية والخاصة: مثل العاصمة الإدارية الجديدة التي تضم مبانٍ تعتمد على الطاقة الشمسية، وأنظمة ترشيد المياه.
- التشريعات المستقبلية: هناك توجه لإدراج معايير الاستدامة في كود البناء المصري، لضمان التزام المطورين العقاريين بالممارسات البيئية.
4. ما هي أمثلة المباني لـ مدرسة العمارة الخضراء في مصر؟
4.1 مبنى سكن أعضاء هيئة التدريس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة (AUC): بالإضافة إلى ذلك، يدمج مواد تبريد صديقة للبيئة، والتي لا تضمن فقط التبريد بكفاءة عالية، بل تقلل أيضاً من تأثير المبنى على استنزاف طبقة الأوزون والاحتباس الحراري. هذا الاختيار الاستراتيجي يتماشى مع التزام المبنى بالممارسات المستدامة ويبرز أهمية الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا في تقليل الأضرار البيئية.
ما الميزات المستدامة في مبنى سكن أعضاء هيئة التدريس بالجامعة الأمريكية؟
- سقف أخضر للعزل وزيادة التنوع البيولوجي.
- سخانات مياه شمسية لتوليد الطاقة المتجددة.
- مواد تبريد صديقة للبيئة لتقليل استنزاف الأوزون.
- زراعة على الأسطح لدعم الإنتاج الغذائي المحلي.
- إضاءة LED لتقليل استهلاك الطاقة.
ميزة أخرى فريدة في هذا المبنى الأخضر هي مبادرة الزراعة على الأسطح، التي تستغل المساحة المتاحة على السطح لزراعة النباتات وإنتاج محاصيل طازجة. هذا النهج المبتكر لا يدعم فقط الإنتاج الغذائي المحلي ويقلل البصمة الكربونية المرتبطة بالنقل، بل ي
مبنى سكن أعضاء هيئة التدريس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة (AUC) هو مثال آخر بارز للمباني الخضراء في مصر، وهو يسعى حالياً للحصول على شهادة LEED. يدمج هذا المبنى المستدام مجموعة من الميزات، بما في ذلك السقف الأخضر، سخانات المياه الشمسية، مواد تبريد صديقة للبيئة، الزراعة على الأسطح، وإضاءة LED. من خلال إعطاء الأولوية لهذه العناصر، يقدم المبنى نموذجاً يحتذى به لمشاريع البناء الأخرى في البلاد.
4.2 قرية المزرعة الخضراء (Green Farm Village) لشركة Royal Herbs.
“قرية المزرعة الخضراء” التي تم إنشاؤها لصالح شركة Royal Herbs، المنتجة للشاي العضوي. صُممت هذه التحفة المعمارية الصديقة للبيئة بواسطة مكتب ECOnsult، ويضم ثلاثة مبانٍ: مساكن العمال، بيت الضيافة، وسكن المهندسين. وتوفر جميعها وفراً يصل إلى 63٪ في استهلاك الطاقة و53٪ في استهلاك المياه.
لا يقتصر المشروع على إنشاء مبانٍ صديقة للبيئة، بل يركز أيضاً على بناء المجتمع وتدريب الموظفين على تطبيق ممارسات البناء الأخضر.
أهم الممارسات المستدامة المدمجة في قرية المزرعة الخضراء؟
- التصميم السلبي الذي يعتمد على التهوية الطبيعية وتقليل الحاجة للتكييف.
- استخدام المواد المحلية مثل الطوب والخشب لتقليل البصمة الكربونية.
- تقنيات توفير الطاقة والمياه: تم تصميم القرية البيئية لتكون فعالة في استهلاك الطاقة والمياه، حيث توفر حتى 63٪ في الطاقة و53٪ في المياه. كما يركز المشروع على بناء المجتمع من خلال تدريب العاملين على تطبيق الممارسات الخضراء.
يساهم المشروع في جهود مصر لمعالجة تحديات المياه والطاقة. بالإضافة إلى ذلك، يركز المشروع على بناء المجتمع من خلال إشراك السكان المحليين وتدريب الموظفين على تنفيذ وصيانة الممارسات المستدامة.
4.3 المدرسة الألمانية بحي الدقي بالقاهرة:
يُعد هذا المشروع واحدًا من بين 14 مشروعًا تم تطويرها باستخدام النظم الفوتوفولتية في 11 دولة مختلفة. قامت شركتان ألمانيتان بإنتاج وتركيب الوحدات بالمدرسة بدعم من الوكالة الألمانية للطاقة، بهدف عرض تنوع وجودة التقنيات الشمسية الألمانية في الدول المختلفة، وكذلك استغلال الإشعاع الشمسي المرتفع في هذه الدول.
تقع المدرسة على شارعي الدقي والمدارس بحي الدقي، وتتكون مبانيها من كتلة إدارة بثلاثة أدوار وكتلة فصول من دورين، بالإضافة إلى حوش المدرسة الواقع بين الكتلتين، وحمام سباحة وملعب على الضلع الغربي للمدرسة (كما هو موضح في الشكل 9).
تم إضافة النظم الفوتوفولتية عام 2008م، ويتكون النظام من ثلاث مجموعات رئيسية:
المجموعة الأولى
- مثبتة أعلى المدخل الرئيسي للمدرسة على الواجهة الجنوبية.
- تتكون من مصفوفتين في دورين من الخلايا السليكونية أحادية البلورة.
- تم دمجها في الواجهة كمظلات للنوافذ أسفل منها.
المجموعة الثانية
- مثبتة على سطح كتلة الإدارة الرئيسية.
- تتكون من 10 مصفوفات متتالية مائلة نحو الجنوب لاستغلال أكبر كمية من أشعة الشمس العمودية.
- وظائفها: تسخين المياه الجارية، إنارة الفصول، تشغيل أجهزة الكمبيوتر والثلاجات.
المجموعة الثالثة
- تقع خلف المجموعة الثانية على نفس السطح.
- تتكون من مصفوفتين، كل منهما تحتوي على 10 ألواح فوتوفولتية.
- وظائفها: إمداد مضخة مياه حمام السباحة بالطاقة الكهربائية، وتشغيل رشاشات الري للمسطحات الخضراء في الملعب الرياضي.
إجمالي الألواح: 141 لوح فوتوفولتي، توفر معظم الطاقة الكهربائية المطلوبة للمدرسة.
كما تم تركيب سقف معدني متعرج على سطح كتلة الفصول، مع ترك مسافة بينه وبين السقف الخرساني لتقليل أثر أشعة الشمس وتحقيق الراحة الحرارية للفراغات الداخلية.
4.4 المتحف المصري الكبير (GEM): يُعد أول متحف حاصل على تصنيف EDGE Advanced في أفريقيا والشرق الأوسط، يعتمد تصميم المتحف على تقنيات حديثة لترشيد استهلاك الطاقة والمياه، إذ يوفر أكثر من 60٪ من الطاقة و34٪ من المياه مقارنة بالمباني التقليدية المماثلة.
تم دمج أنظمة الإضاءة الطبيعية والتهوية السلبية في التصميم المعماري، إلى جانب استخدام الزجاج المزدوج العازل لتقليل الحمل الحراري. كما تم تركيب أنظمة تسخين المياه بالطاقة الشمسية، واعتماد تقنيات إعادة تدوير المياه الرمادية لري المسطحات الخضراء المحيطة بالمتحف.
هذه الحلول تجعل GEM ليس فقط صرحًا ثقافيًا عالميًا، بل أيضًا نموذجًا يحتذى به في العمارة المستدامة، حيث يجمع بين الحفاظ على التراث المصري والالتزام بالمعايير البيئية الحديثة.[ifc.org]
4.5 مركز التدريب المهني المشترك بحي المظلات – القاهرة
تم تطوير المركز عام 1996 باستخدام نظام الخلايا الفوتوفولتية، حيث قامت مصلحة الكفاءة الإنتاجية بمديرية منطقة شمال القاهرة باستيراد الألواح من شركة ألمانية، وتولت الشركة نفسها عملية التركيب والتشغيل بهدف إنارة الورشة الكبرى ليلاً فقط.
يتكون النظام الفوتوفولتي بالمركز – من 182 لوحًا، تم تثبيتها بمعدل 9 ألواح في كل باكية من كل طابق باستثناء باكية المدخل، والتي تم تثبيت أعلاها مصفوفتين تحتويان على 16 لوحًا.
كما أُضيف معمل للطاقة الشمسية بين الألواح الخارجية المثبتة على الواجهة الجنوبية ووحدات الإضاءة الداخلية على الواجهة الشمالية، إلى جانب عدة أعمدة إنارة في فناء المركز تعمل بألواح فوتوفولتية منفصلة لكل عمود. أما باقي الغرف في المبنى، فتستمد الطاقة الكهربائية اللازمة لإنارتها من شبكة الكهرباء الرئيسية للمنطقة.
الخاتمة
تُمهد المباني الخضراء الرائدة في مصر الطريق نحو العمارة الصديقة للبيئة، والبناء المستدام، ودمج ممارسات المباني الخضراء في البلاد. ومع التحديات المتعلقة بالمياه والطاقة، تدرك مصر أهمية اعتماد المباني الصديقة للبيئة التي تعطي الأولوية لتصميمات عالية الكفاءة في الطاقة وممارسات مستدامة.
أحد الأمثلة البارزة هو “قرية المزرعة الخضراء” التي صُممت لصالح شركة Royal Herbs، المنتجة للشاي العضوي. أنشأتها شركة ECOnsult، وتُظهر هذه القرية البيئية فوائد التصميم السلبي، واستخدام المواد المحلية، وتقنيات توفير الطاقة. تتكون القرية من مساكن للعمال، بيت ضيافة، وسكن للمهندسين، وتحقق وفراً مذهلاً يصل إلى 63٪ في الطاقة و53٪ في المياه. بالإضافة إلى ذلك، يركز المشروع على بناء المجتمع وتدريب الموظفين لضمان تنفيذ الممارسات المستدامة.
وعلى الرغم من أن المباني الخضراء في مصر تواجه تحديات تتعلق بالتعليم والتكلفة، تُبذل جهود لتعزيز الوعي البيئي وجعل التقنيات المستدامة أكثر سهولة. لا تساهم المباني الخضراء الرائدة في مصر فقط في الحفاظ على الطاقة والمياه، بل تعزز أيضاً روح المشاركة المجتمعية وتمكّن الأفراد من تبني الممارسات المستدامة.
المراجع:
- تقييم تجربة العمارة المستدامة فى مصر قسم هندسة العمارة – كلية الهندسة – جامعة الأزهر الباحثين: مى أسامة أحمد مصطفى، ومجدى محمد قاسم، و محمد سعد عطوة.
- Egypt Top Green Buildings
