مدرسة العمارة الطينية الحديثة: جذور المكان ومستقبل الاستدامة

تُعد مدرسة العمارة الطينية الحديثة امتدادًا فكريًا وعمليًا للعمارة الإنسانية التي اشتهر بها حسن فتحي، لكنها تطورت لتصبح مدرسة عالمية قائمة بذاتها، تُدرس في جامعات كبرى، وتُنفذ في دول متعددة من أفريقيا وآسيا وأوروبا والأمريكيتين،وتمثل اتجاهاً معمارياً يعتبر اليوم جزءًا من منظومة العمارة المستدامة لأنها تطبق مبادئها الأساسية. .

✅ ما هي مدرسة العمارة الطينية الحديثة؟

هي مدرسة معمارية تعتمد على المواد الطبيعية كأساس للبناء، مع دمج تقنيات حديثة لضمان المتانة، العزل الحراري، والاستدامة. وتهدف إلى تقليل البصمة الكربونية وتحقيق انسجام مع البيئة. وجوهر هذه المدرسة يقوم على تحويل المادة الأقدم في التاريخ إلى أداة لبناء مستقبل مستدام.

1. تعريف المدرسة

هي اتجاه معماري يعتمد على الطين والتربة كمواد رئيسية، مدمجة مع تقنيات حديثة مثل:

• التربة المضغوطة (Rammed Earth)
• Super Adobe
• الطوب اللبن المدعّم

وتقوم على:

• صفر انبعاثات تقريبًا
• تكلفة منخفضة
• راحة حرارية ممتازة
• مشاركة مجتمعية
• هوية محلية واضحة

المبادئ الأساسية لمدرسة العمارة الطينية:

1. استخدام المواد المحلية الطبيعية: الطين، التربة المضغوطة، القباب، الأقبية.
2. تكاليف بناء منخفضة: خاصة في المناطق الريفية أو الصحراوية، مع تحقيق جودة إنشائية عالية.
3. بيئة حرارية مثاليــــــة: بفضل الطين الذي يوفر عزلًا طبيعيًا، مما يقلل الحاجة للتكييف.
4. عمارة أخلاقية مرتبطة بالمكان والإنسان: قبل الشكل والمظهر.
5. الجماليات المعمارية: تصميمات مستوحاة من التراث، مع لمسات حديثة في الإضاءة، الفتحات، والأسقف.استخدام
6. الاعتماد على المهارات المحلية بدل الشركات الكبرى.
7. خفض الأثر الكربوني لأقصى درجة.
8. مرونة التصميم وإمكانية البناء الجماعي.
9. الارتباط بالثقافة المحلية وليس مجرد حلول تقنية.
10. تصميم يضع الإنسان قبل الشكل.

أبرز رواد مدرسة العمارة الطينية:

1. حسن فتحي – شيخ المعماريين ومهندس الفقراء
   يعتبر من أهم رواد العمارة في القرن العشرين، وقد تخرج من الجامعة في فترة اتجه فيها معماريو العالم إلى استخدام الخرسانة المسلحة في البناء، وتطبيق مفاهيم الحداثة والتصميم الذي يصلح لكل زمان ومكان، مما أدى لفقدان العمارة المحلية لهويتها فأصبح المبنى في أوروبا هو نفسه في مصر أو الامارات أو في الهند، ولكن حسن فتحي خالف كل هذه الاتجاهات وغاص في أعماق البيئة المصرية والانسان المصري ليخرج للعالم بفكر جديد، وأصبحت أفكاره هي الأساس لما عرف بعد ذلك بالعمارة البيئية والمستدامة.

• تميز باحترامه لثقافة وهوية المجتمع والاستفادة من الخبرات المحلية في البناء، واستخدام مواد البناء المتوفرة محليا، فيقول: “انظر تحت قدميك وابني“، بالإضافة لتطبيقه للمعالجات والاساليب البيئية التي توفر الطاقة وتحد من التلوث للعمران المستدام.
• قدّم نموذجاً عالمياً لدمج العمارة التقليدية مع احتياجات الإنسان.
• اعتمد على الطوب الطيني، القباب، المشربيات، والفناء الداخلي.
• أهم الأعمال: قرية القرنة الجديدة، مساكن باريس، مدرسة قرية فارس الابتدائية، قصر الفا بيانكا، منزل ميت ريحان.

2) Abdel Wahed El-Wakil – تطوير العمارة الطينية في سياق عربي حضري

يعد المعماري عبد الواحد الوكيل من أبرز معماري عربي تبنى مبادئ حسن فتحي طوّر استخدام الطين والجدران الحاملة القباب والأقبية الطينية في سياق حضري في العديد من مشاريعه التي تجمع بين الهوية التراثية والاستدامة.

أهم أعماله

• مسجد الكورنيش
• مسجد القبلتين – المدينة المنورة
• مسجد الملك فهد – جدة
• مباني سكنية بالطين والحجر في السعودية

تحليل معماري

• استخدام القباب والأقبية بكفاءة عالية.
• دمج الطين والحجر في عمارة كبرى (غير ريفية).
• توازن بين الأصالة والوظيفة الحديثة.

3. المعماري راسم بدران – فلسطين/الأردن (العمارة العربية المعاصرة)
على الرغم من أنه معماري إقليمي بالدرجة الأولى، إلا أنه أدخل مواد الأرض المحلية والطين في بعض مشاريعه بهدف تعزيز الهوية البيئية.

• أعاد إحياء الفناء، الممرات، النقوش العربية، والعلاقة بين الإنسان والشارع.
  أعماله: قصر العوجا، أبراج سان ستيفانو، تطوير وسط عمّان (إحياء الذاكرة العمرانية – و- إعادة تعريف المجال العام في المدينة العربية).
• صياغة عربية معاصرة للمجال العام (وسط عمّان).

4. المعماري محمد الرافعي (العمارة الصادقة)
مزج بين التراث النجدي والبيئة الحجازية.

• منادٍ بفكرة “العمارة الصادقة” التي ترتكز على المواد المحلية وتعبيرات المكان.
• من رواد العودة إلى مواد البناء المحلية في البيئة الصحراوية، واعتمد في عدة مشاريع على العمارة الطينية الحديثة وأساليب الترميم الطيني التقليدي.

5. فرانسيس كيري – بوركينا فاسو – أول معماري أفريقي ينال جائزة بريتزكر (2022).

مساهمات فرانسيس كيري في العمارة الأفريقية

• الاستدامة والمواد المحلية: يعتمد كيري على المواد المحلية، وخاصة الطين، لإنشاء مبانٍ حديثة ومستدامة، مثل مشروع معهد بوركينا فاسو للتكنولوجيا بجدرانه الطينية المبردة.
• التهوية الطبيعية: يصمم مباني ذات أنظمة تهوية طبيعية تسمح بالتهوية في المناخات الأفريقية الحارة، مما يقلل من الحاجة إلى تكييف الهواء.
• المشاركة المجتمعية: يدمج كيري المجتمعات المحلية في عملية البناء، مما يضمن أن تكون الهياكل “متجذرة في ثقافة الناس”.
• الابتكار الاجتماعي: يستخدم كيري العمارة كوسيلة للتغيير الاجتماعي، ويهدف إلى تعزيز التعليم والتنمية المستدامة في أفريقيا.
• التأثير العالمي: أصبح كيري أول مهندس معماري أفريقي وأول شخص أسود يحصل على جائزة بريتزكر للهندسة المعمارية المرموقة في عام 2022. وقد صمم مشاريع في دول مختلفة مثل بوركينا فاسو ومالي وألمانيا والولايات المتحدة وكينيا وأوغندا.

أهم أعماله

• مدرسة غاندو الابتدائية – عمارة تعليمية تحوّل القرية بالكامل. – بوركينا فاسو
• في هذا المشروع، جمع بين التقنيات التقليدية وأساليب الهندسة الحديثة لإنتاج أفضل حل بنائي مع تبسيط عملية البناء والصيانة المستقبلية. ويُعزى نجاح المشروع إلى المشاركة الوثيقة للسكان المحليين في عملية البناء. بدعم من مجتمعه.

• مركز المرأة – غاندو
• الجناح الوطني لِبوركينا فاسو في إكسبو 2020

6. Anna Heringer – المعمارية التي أعادت الطين للعالم الحديث

تُعد أعمال المعمارية أنا هيرينجر نموذجًا عالميًا لدمج الطين في مبانٍ تعليمية واجتماعية ذات تكلفة منخفضة.

أحيت البناء اليدوي بالطين في بنغلاديش وأفريقيا. أعمالها مثال عالمي للعمارة الاجتماعية منخفضة التكلفة. أهم الأعمال ومشاريع بارزة لـ Anna Heringer

أهم أعمالها

• مدرسة METI – بنغلاديش
• مركز الحرفيات – بنغلاديش
• مبانٍ اجتماعية في أفريقيا وآسيا
• Public Architecture, Community Center•
• Rudrapur, Bangladesh

تحليل معماري

• تعتمد على البناء اليدوي التقليدي 100%.
• تعطي قيمة كبيرة لكرامة الإنسان وصوت المجتمع المحلي.
• تحولت مشاريعها إلى مرجع عالمي لعمارة التعليم منخفضة التكلفة.

• METI Handmade School – بنغلادش
• هذه مدرسة تمّ بناؤها بالطين والخيزران (mud & bamboo) في رُدْرابور — وتمزج بين المعرفة التقليدية والاحتياجات المعاصرة.

• حصلت المدرسة على جائزة دولية (Aga Khan Award for Architecture عام 2007)، لما تمثّله من عمارة مستدامة ـ إنشائية والبناء بمصادر محلية.
• DESI Vocational School – بنغلادش
• مدرسة / مركز تدريب مهني تستخدم الطين والخيزران أيضًا، ومبنية بطريقة تراعي البيئة والطبيعة المحلية.
• تُظهر قدرة الطين والخيزران على تحقيق “حياة معاصرة” — بمعايير تعليمية، صرف صحي، تهوية طبيعية، طاقة شمسية — رغم بساطة المواد. Divisare+1
• Anandaloy Centre – بنغلادش
• مركز مجتمعي + استوديو نسيج (Dipdii Textiles) + مبنى اجتماعي — استخدمت فيه مواد طبيعية، خامات محلية، واستراتيجيات تهوية/ضوء طبيعية. Divisare+2RTF | Rethinking The Future+2
• يعكس فلسفة Anna Heringer في ربط العمارة بمشاكل اجتماعية (إشراك المجتمع، العمل بمصادر محلية، تعزيز الحرف التقليدية).

مدرسة مهنية للتدريب الكهربائي. يضم مبنى DESI فصلين دراسيين، مكتبين، وسكنين للمدرسين. يوجد حمام منفصل يحتوي على دشين ومرحاضين للمعلمين، بالإضافة إلى مرافق حمام بها مراحيض وأحواض غسيل في الطابق الأرضي للطلاب. كما توجد شرفتان واسعتان كفصول ممتدة – واحدة في الطابق الأرضي كفصل خارجي للعمل العملي، والأخرى في الطابق الأول أكثر خصوصية وحميمية – للقراءة، الاسترخاء، المشاركة، وإنجاز الواجبات…

تنتج الألواح الشمسية 100٪ من احتياجات المبنى من الطاقة. ويوفر نظام التسخين الحراري الشمسي الماء الساخن. كما تقوم الألواح الشمسية بتشغيل محرك يضخ الماء من بئر إلى خزان المياه. تحتوي المراحيض على خزان للصرف الصحي مكون من حجرتين. هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها بناء وحدات صحية داخل منازل طينية في بنغلاديش، مما يثبت أن الطين والخيزران مرنان بما يكفي لاستيعاب متطلبات الحياة العصرية.

يمثل المبنى توازناً مثالياً بين التكنولوجيا العالية والمنخفضة – حيث يتم الجمع بين طرق البناء الأساسية جداً وأنظمة الطاقة الحديثة البديلة. وبما أن المبنى يتم تدفئته وتبريده بشكل طبيعي ويستفيد من الإضاءة والتهوية الطبيعية، فإن نظام الألواح الشمسية والبطاريات الصغير نسبياً يوفر كل الطاقة التي يحتاجها المبنى.

• Bamboo Hostel Baoxi – الصين
• مشروع ضمن بينالي الخيزران (Bamboo Biennale) في باوكسي — حيث صممت Heringer Hostels باستخدام الخيزران والطين كمواد أساسية. Divisare+1

• يظهر كيف يمكن لمواد طبيعية (خيزران + طين) أن تحقق تصاميم معاصرة، مستدامة، وظيفية، ومتفردة بصريًا.
• Training Center for Sustainability Marrakech – المغرب
• مركز تدريب للعمارة المستدامة بالمغرب — مثال على انتقال فلسفة Anna Heringer إلى سياقات متنوعة (ثقافيًا ومناخيًا).
• يجمع بين المواد المحلية (طين، تقنيات تقليدية) والمتطلبات المعاصرة في مشروع تعليمي — ما يثبت جدوى “العمارة الطينية/المستدامة” في بيئات مختلفة. Arquitectura Viva+1

7. كينيث فرامبتون – الولايات المتحدة
مُنظّر “الإقليمية النقدية” (1983).

• غلين موركوت – أستراليا (العمارة المناخية الخالصة)
  “لمسة خفيفة على الأرض” وتهوية طبيعية كاملة.
• يستلهم تقاليد السكان الأصليين ويوظّف تهوية طبيعية بنسبة 100%.
  أعماله: Marika-Alderton House، Simpson-Lee House.

النقد المعماري لمدرسة العمارة الإقليمية المعاصرة

على الرغم من أهميتها، تعرّضت المدرسة لعدد من الانتقادات تعالوا بنا نستعرض نقاط القوة ونقاط الضعف:

نقاط القــــوة:

• استدامة حقيقية وليس مجرد “واجهة خضراء”.
• خفض التكلفة وفتح آفاق الإسكان منخفض الدخل.
• عمارة ذات بعد اجتماعي تعزز المشاركة المجتمعية.
• تكيف مثالي مع المناخ الحار والجاف “تبريد وتدفئة طبيعية”
• إحياء حرف تقليدية وتعزيز الاقتصاد المحلي.
• مواد طبيعية ذات بصمة كربونية منخفضة
• دور اجتماعي في البناء

نقاط الضعف:

• تحديات الموافقات والبناء في المدن الحديثة بسبب الكودات الصارمة.
• تردد المستثمرين في الاعتماد على مواد غير “صناعية”.
• ضعف العمالة المدربة حديثًا في بعض الدول.
• صورة نمطية تربط الطين بالفقر، رغم أنه مادة ممتازة تقنيًا.
• نقص العمالة المدربة

التحدي الأكبر اليوم

تحويل العمارة الطينية من “حل ريفي” إلى نظام حضري قابل للتطبيق في المدن الكبرى… وهو ما بدأ يتحقق عالميًا.

المراجع:

Wikipedia

للحصول على مزيد من المعلومات برجاء متابعى على المنصات التالية:

الفيسبوك: https://www.facebook.com/profile.php?id=100088893776257

اليوتيوب: https://www.youtube.com/@ashrafrashad8031

التيك توك:https://www.tiktok.com/@ashraf.r1

الانستاجرام:https://www.instagram.com/ashraf.rashad.58/