منزل “بينه هاوس” بفيتنام – منزل لثلاثة أجيال
عمارة تربط الإنسان بالطبيعة عبر رؤية Vo Trong Nghia Architects
في ظل التسارع الكبير في وتيرة التحضّر، فقدت المدن الفيتنامية كثيرًا من ملامحها الأصلية كمساحات خضراء منخفضة الكثافة تنعم بالمناخ الاستوائي. ومع التوسع العمراني الحديث، بدأت المناطق السكنية الجديدة تفقد صلتها المباشرة بالطبيعة، مما دفع مكتب Vo Trong Nghia Architects إلى إطلاق سلسلة من المشروعات التجريبية تحت عنوان “بيت للأشجار – House for Trees”.
ويُعد مشروع Binh House واحدًا من أبرز نماذج هذه السلسلة، حيث يقدّم رؤية سكنية مبتكرة تُعيد المساحات الخضراء إلى قلب الأحياء عالية الكثافة.
منزل لثلاثة أجيال – التحدي الإنساني قبل المعماري
يسكن المنزل أسرة من ثلاثة أجيال، وهو ما خلق تحديًا معماريًا حقيقيًا:
كيف يمكن توفير مساحات تواصل بين أفراد الأسرة مع اختلاف الأعمار والاهتمامات، مع الحفاظ على خصوصية كل فرد؟
جاء الحل من خلال تصميم عمودي متدرّج يعتمد على مساحات مفتوحة متصلة بصريًا عبر حدائق معلّقة، ما يسمح بتدفّق الضوء الطبيعي وحركة الهواء، ويعزّز الإحساس بأن المنزل كائن حي ينبض بالحياة.
حدائق معلّقة بذكاء مناخي
تم توزيع الحدائق في أعلى المساحات المتراكبة عموديًا، بحيث يحدّ كل فراغ بسلايدنج زجاجي يسمح بالفتح الكامل.
هذا الأسلوب يحقق عدة أهداف:
1. تحسين المناخ الداخلي (Microclimate)
- تهوية طبيعية مستمرة داخل جميع الغرف
- إضاءة طبيعية طوال ساعات النهار
- توازن حراري يقلّل الحاجة للمكيفات
2. زيادة التواصل البصري بين أفراد الأسرة
تسمح الفتحات المتبادلة بين الفراغات بأن يمتد مجال الرؤية من غرفة لأخرى عبر الحدائق، ما يخلق رابطًا إنسانيًا دافئًا بين السكان ويزيد من إحساس الانتماء.
انسيابية الفراغات – منزل بلا حواجز
تم تصميم:
- غرف المعيشة
- غرفة الطعام
- غرف النوم
- غرفة الدراسة
على نحو يسمح بانفتاحها على بعضها البعض دون فواصل صلبة، ما يعزز الإحساس بالرحابة ويحوّل المنزل إلى سلسلة من التجارب البصرية والوظيفية المتشابكة.
توزيع ذكي للخدمات لحماية المناخ الداخلي
وُضعت الخدمات (المطبخ، الحمامات، السلالم، والممرات) في الواجهة الغربية للمنزل، وذلك لتحقيق هدفين أساسيين:
- الحد من اكتساب الحرارة الناتجة عن أشعة الشمس المباشرة
- توفير بيئة مريحة في المساحات التي يشغلها السكان لفترات طويلة
كما يؤدي التدرّج الرأسي داخل المبنى دورًا مهمًا في خلق فارق ضغط طبيعي يساعد على استمرار التهوية حتى بعد اكتمال المباني المجاورة.
الحدائق السطحية – أكثر من مجرد منظر
تحتضن الأسطح:
- أشجارًا كبيرة لتوفير الظل الطبيعي
- مساحات لزراعة النباتات والخضروات لتلبية احتياجات السكان اليومية
وهو ما يجعل المنزل نموذجًا للاستدامة الحضرية والزراعة الرأسية المناسبة للمناطق عالية الكثافة.
عمارة مستدامة بمواد طبيعية
استُخدمت مجموعة من المواد الصديقة للبيئة، منها:
- الحجر الطبيعي
- الخشب
- الخرسانة المكشوفة
وبفضل تصميم المناخ الدقيق، لم يضطر السكان لاستخدام أجهزة التكييف منذ انتقالهم إليه، مما يخفض بشكل كبير تكاليف التشغيل والصيانة ويقلّل البصمة الكربونية للمبنى.
فلسفة التصميم – اتصال الإنسان بالإنسان والطبيعة
لا يقتصر التصميم على تلبية الوظائف الأساسية أو تحقيق الجماليات المعمارية، بل يمتد ليكون وسيطًا يعيد الارتباط بين أفراد الأسرة وبينهم وبين الطبيعة.
فالمنزل يعيد تعريف السكن ليس كحاوية جامدة، بل كنظام بيئي مصغّر يوازن بين الراحة، والتواصل، والاستدامة.
الخلاصة المعمارية
يمثل Binh House نموذجًا رائدًا في العمارة الخضراء المعاصرة، حيث يدمج بين:
🌿 الطبيعة
🏡 السكن
👨👩👦 التواصل الإنساني
💨 الراحة المناخية
🔧 والاستدامة المادية والاقتصادية
إنه منزل يثبت أن العمارة ليست مجرد جدران وسقوف، بل فلسفة حياة متكاملة تربط الإنسان ببيئته وتعيد للطبيعة مكانها داخل المدينة.
