العلم في عصر النبوة

العلم في عصر النبوة:

العلم هو محاولة إكتشاف مكنونات الكون وما فيه من أسرار وعلوم من خلال البحث والتجربة، وذلك للوصول إلى القوانين التي تمكن الإنسان من تسخير الكون لصالحه وهذا العلم التجريبي بهذا المفهوم ليس حكرا على وطن، أو بلد بعينه، فما يكتشفه قوم يفيد آخرين فهو حق مشترك للإنسانية.

والإسلام يرشدنا إلى أهمية وضرورة الحرص على الاستفادة من الجهود العلمية للآخرين، ولو كانوا غير المسلمين ، فقد ورد فى الحديث الشريف (الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها)، وقد أسند الرسول صلي الله عليه وسلم مهمة تعليم بعض المسلمين فى المدينة إلى كفار من قريش كفدية يفدون بها أنفسهم بعد غزوة بدر، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال : (كان الناس من الأسري يوم بدر لم يكن لهم فداء فجعل الرسول صلى الله عليه وسلم فدائهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة)، ومن هنا فإن من مهام الدولة الإسلامية الإستفادة من خبرات وعلوم الآخرين ، واكتساب كل جديد ونافع.

السياسة التعليمية للرسول صلى الله عليه وسلم : ما إن لامست كلمة ” اقرأ” قلب رسول الله صلي الله عليه وسلم ووجدانه واحاسيسه، وترسخت ابعادها ومضامينها في عقله وفكره، الا وبدأت في البزوغ شمس سياسة نبوية تعليمية فريدة ومتميزة من خلال أقواله الشريفة التي تمثل الجانب النظري من هذه السياسة وتمثل في:

الحث على طلب العلم في عصر النبوة: تطورت مسيرة الأمة العلمية مع تطور مراحل الدعوة وبناء المجتمع، وتأسيس الدولة، ولقد أيقنت الامة أن العلم من أهم مقومات التمكين، ولا يمكن الله تعالى لأمة جاهلة، متخلفة عن ركاب العلم، ولقد حثت الشريعة الإسلامية على طلب العلم، والايات والاحاديث الواردة في ذلك كثيرة نورد بعضها في القرأن الكريم والسنة المطهرة كما يلي:

أولاً: القرأن الكريم وطلب العلم: إن الناظر للقرأن الكريم ليتراءى له بوضوح أنه زاخر بالايات التي ترفع من شأن العلم وتحث على طلبه وتحصيله، فكان أول ما بدء من الوحى على قلب رسول الله {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ – خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ – اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ – الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ – عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[1]. كلمة “اقرأ” هذا الأمر ذو السر الإلهي العجيب الذي امتد أثره من فجر الإسلام، إلى وقتنا الحاضر.

ثانياً: الاحاديث النبوية الشريفة: دعا رسول الله إلي أهمية العلم والتعلم ومنها قولة ﷺ. [من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب إن العلماء هم ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر] [8].

أما الجانب العملي للــ العلم في عصر النبوة فيظهر في البناء التربوي والعلمي للصحابة، حيث كان يحثهم على مكارم الاخلاق، ويوضح لهم دقائق الشريعة وأحكامها، وقد راعى ﷺ الوسائل التربوية التي تعين على الحفظ وحسن التلقي[15]، ومن هذه الوسائل:

أخلاق الصحابة عند تلقيهم العلم من رسول الله ﷺ: أداب المتعلم:

وبكدة نكون وصلنا لنهاية موضوعنا العلم في عصر النبوة و في الحلقة القادمة هنتحدث عن: جانب العمران في عصر النبوة عندما أشرق نور الاسلام، وأثرت العقيدة الإسلامية في نفوس معتنقيها لسماحتها ولملاءمتها لطبيعة النفس البشرية، في نفوس الصحابة والتابعين ثم الاجيال التي تتابعت بعدهم، وارتبطت ارتباطاً وثيقاً بعمارة المساجد.


المراجع:

[1]. سورة العلق: الايات من (1-5) [2]. سورة الزمر: الاية (9) [3]. سورة البقرة: الاية (164)

[4]. سورة فاطر: الاية (28) [5]. سورة المجادلة: الاية (11) [6]. سورة طه: الاية (114)

[7]. سورة الأعراف: الاية (10) [8]. رواه البخاري وأبو داود والترمذي و سنن ابن ماجه (223)

[9]. رواه الترمذي (2647) [10]. رواهُ الترمذي، عَنْ أَبي أُمَامة، وقالَ: حَديثٌ حَسنٌ. [11]. سنن ابن ماجه (224) [12]. صحيح ابن حبان ح(88) وسنن أبي داود ح(1 364) [13]. صحيح ابن حبان ح(82) والمستدرك على الصحيح ح(1339)

[14]. أخرجه مسلم في صحيحه ح (1631) [15] السيرة النبوية للدكتور/ علي محمد الصلابي ص: 472-483

[16] البخاري: كتاب العلم، باب من أعاد الحديث ثلاثا…، ورقمه (95)

[17] البخاري: كتاب العلم، باب: ما كان النبي يتخولهم بالموعظة…، ورقمه (68) [18]. مناهج وأداب الصحابة، ص: (65)

[19]. البخاري: كتاب: المظالم، باب: نصر المظلوم، ورقمه (2446) [20]. مسلم: كتاب: صلاة المسافرين، باب استحباب تحسين الصوت بالقرأن، رقم الحديث: (793) [21]. مسلم: كتاب: المساجد، باب تحريم الكلام في الصلاة، (537) [22]. البخاري: كتاب: الحيل، باب إحتيال العامل ليهدى له، رقم الحديث: 6979 [23].البخاري: كتاب: الادب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، رقم الحديث: 5999 [24] الترمذي: في الشمائل المحمدية، باب ما جاء في خلق رسول الله، رقم الحديث: 335

Exit mobile version