العمارة الإسلامية في ظل الخلافة العباسية

رابعاً: العمارة الإسلامية في ظل الخلافة العباسية

* من الناحية السياسية: دام حكم الخلافة العباسية 508 سنة من عام (132هـ – 656هـ /750 م – 1258 م) وبلغ إجمالي عدد الحكام 37 خليفه. وأنشا العباسيون عاصمة جديدة لهم علي نهر دجلة هي بغداد التي أصبحت مركزاً هاماً للعلوم والفنون الإسلامية. وقد قسم المؤرخون هذه الفترة إلى أربعة عصور رئيسية هي:

حكام الخلافة العباسية

أولا: العصر العباسي الأول (132هـ- 232 هـ   – 750 – 847 مـ): يعتبر العصر الذهبي – عصر القوة والازدهارفترة شباب الدولة وصعودها” وقد اشتمل العصر العباسي الأول على عهود تسعة خلفاء، بدأ حكمهم بأبي العباس السفاح، وانتهى بالخليفة الواثق واستطاع أولئك الخلفاء التسعة واحدًا بعد الآخر تحقيق عدة منجزات كبرى من أهمها:
* تأكيد قوة الخلافة العباسية، والقضاء على كل المحاولات التي كان هدفها النيل من تلك الخلافة وسلطانها.
* إقامة حكم إسلامي تحققت فيه المساواة بين جميع الشعوب الإسلامية، الأمر الذي ساهم في تطور أسلوب حياة الناس ومعيشتهم بشكلٍ إيجابي. كما اهتمت الخلافة بعمل الإصلاحات والتنظيمات الإدارية التي كان من شأنها تحسين نوعية الحياة والمجتمع.
* وعلى الصعيد الفكري: شاع الاهتمام باللغة العربية وتعلمها؛ كونها لغة القرآن الكريم. وانتشرت حركة الترجمة على نطاقٍ واسع في تلك الفترة الى اللغة العربية، وساعد في ذلك تشجيع الدولة لحركة ترجمة الكتب في كافة المواضيع، وإنشاء المكتبات العامة، واستضافه المجالس العلمية، ومجالس الشعر، والمجالس الدينية، والفقهية.

* وفي مجال العمارة: شهدت الهندسة المعمارية تطورًا كبيراً خلال عهود قوتهم، فأنشؤوا عددًا من المدن الجديدة، ولعلّ أشهرها:


تأثر فن العمارة العباسية بالعمارة العراقية القديمة خصوصًا الأشورية وكذلك العمارة الفارسية، ولعل تصميم بغداد بشكل دائري له أربع أبواب هو أحد أبرز أوجه التأثر بالعمارة الآشورية إذ إن المدن التي بناها المسلمون سابقًا إما مربعة كالقاهرة أو مستطيلة كالفسطاط، ومن العراق انتقل هذا النمط المعماري عن طريق الولاة والسلاطين إلى مصر وبلاد الشام. في حين يشكل استعمال الآجر والطين لبناء القصور بدلاً من الحجارة أبرز تأثرات العمارة العباسية بالعمارة الفارسية خصوصًا خلال العهد الساساني.
تمازجت مع العمارة فنون الزخرفة التي وصفها عدد من النقاد بأنها لغة الفن الإسلامي؛ وقد كانت زخرفة المساجد والقصور والقباب الميدان الأساسي لها، بأشكال هندسية أو نباتية عرفتها أوروبا بالاسم الفرنسي «Arabesque» وتعرف اليوم بالزخرفة العربية، وقد انتشر هذا المصطلح في العالم العربي حديثًا للإشارة إلى الزخرفة العباسية، على أن جذر الكلمة لغويًا يأتي بمعنى «التوريق». كما انتشر في العصر العباسي بنوع خاص الفن التجريدي رغم أن نشأته كتيار فني تعود للعصور الحديثة، إلا أنّ العباسيين وخلال زخرفاتهم عملوا إلى عزل عنصر الزخرفة كالورقة أو الزهرة عن محيطها، أي عمد الفنان العباسي بتجرديها عن محيطها الطبيعي الذي يعطي إحساسًا بالذبول والفناء مانحًا إياها شعورًا بالداوم والبقاء. وإلى جانب الزخرفة النباتية، درجت زخرفة الأحرف العربية وازدهرت حتى أصبحت علمًا قائمًا ممثلاً بعلوم الخط العربي، رغم أن نشأته تعود لما قبل الإسلام. ومن أشهر أنواع الخطوط الخط الكوفي وخط الرقعة. وكذلك وعلى الرغم من عدم استساغة علماء الدين المسلمين لتصوير الإنسان أو الحيوان، إلا أن الخلفاء العباسيين قد اعتنوا بالأمر كما تدل جدران القصور المكتشفة في شرق الأردن وسامراء. ويصنف النقاد الزخرفة العباسية بكونها زخرفة «كارهة للفراغ»، إذ يقوم الفنانون برسم الزخارف من الحجم الكبير والمتوسط والصغير بحيث تملأ جميع الفراغات بزخارف ولو كانت متناهية في الصغر.

وتلا العصر العباسي الاول عدة عصور بدأت مع قتل المتوكل على يد ابنه سنة 847م، وبداية الفوضى العسكرية التي استطاع القادة العسكريون أن يمدوا من نفوذهم دخل مؤسسة الحكم. تعالوا بنا نلقي نظرة على باقي العصور:

ثانيا- العصر العباسي الثاني: (232هـ- 334 هـ   – 847 – 946 مـ) يبدأ بخلافة المتوكل علي الله وينتهى في خلافة المستكفي بالله. ويعرف بعصر “نفوذ الأتراك” حيث برز العنصر التركي، واستأثر بالمناصب الكبرى في الدولة، وسيطر على الإدارة والجيش. وقد تمت الاستعانة بهذا العنصر التركي المجلوب من إقليم تركستان وبلاد ما وراء النهر حيث استعان بهم المأمون والمعتصم في العصر “العباسي الأول”. وظهرت بوادر هذا الضعف في مستهل هذا العصر، ومن عيوب تلك الفترة:

أما في الجناح الغربي للدولة الاسلامية : فقد ظهرت

ثالثا(العصر العباسي الثالث): (334هـ- 447 هـ   – 946 – 1055 مـ) يبدأ بخلافة المطيع لله وينتهى في خلافة القائم بأمر الله. ويعرف “بعصر البويهيين وكان من أهم أسباب ضعف الخلافة وغروب شمسها، أن البويهيين كانوا من المغالين في التشيع، وهم يعتقدون أن العباسيين قد أخذوا الخلافة واغتصبوها من مستحقيها، لذلك تمردوا على الخليفة، وتطلع بنو بويه إلى السيطرة على العراق نفسها – مقر الخلافة، واستطاع البويهيون السيطرة على الدولة، وجردوا الخليفة من اختصاصاته، فلم يبقَ له وزير وإن كان له كاتب يدير أملاكه فحسب!! واداروا الدولة بأنفسهم.

الجناح الشرقي للدولة الاسلامية : 

الدولة الغزنوية: 366- 582 هـ   – 977 – 1186 مـ وكانت في خراسان وافغانستان وشمال الهند، تعاقب على الحكم (6 حكام)

الدولة الخوارزمية :  470- 628 هـ   – 1077 – 1231 مـ وكانت في ايران واسيا الوسطي تعاقب على الحكم (5 حكام)

رابعاالعصر العباسي الرابع: (451هـ- 656 هـ   – 1059 – 1258 مـ) يبدأ بخلافة القائم بأمر الله وينتهى في خلافة المستعصم بالله. ويعرفبعصر السلاجقة

دبت الحياة من جديد في الإمبراطورية الإسلامية المحتضرة بوصول السلاجقة إلي بلاد ما وراء النهر وهم قوم من قبائل القرغيز التي هاجرت من التركستان وفتح السلاجقة  خراسان سنة 1037 وساروا غرباً حتى قضوا علي الأسرة الحاكمة في إيران واسيا الصغرى والعراق وسوريا ودخل طغرل بك بغداد سنة 1055 حيث نصبة الخليفة سلطانا علي الدولة.

انتهي نفوذ الخلفاء السياسي سنة 1258 اثر هجوم المغول الذين فتحوا البلاد الإسلامية الواحدة تلو الأخرى تحت قيادة جنكيز خان الذي قسم بين أولادة إمبراطوريته الواسعة الممتدة بين الصين وجنوب أسيا فأسس هولاكو في إيران الدولة الايلخانية التي ازدهر حكمها فيما بين 1256-1353م

وفي 1403م  قام حفيد جنكيز خان “تيمورلنك” بغزو إيران ووصلت جيوشه إلي أسيا ألصغري حيث هزمت الأتراك العثمانيين وأسرت السلطان بايزيد الأول ولم يستتب حكم تيمورلنك وخلفائه (1370-1500) إلا في خراسان وبلاد ما وراء النهر وعظمت إبان حكمهم أهمية بخاري وسمرقند وغدت عاصمتهم هراة مركزاً للعلوم والفنون الإسلامية.

  وقد أسس بابر سليل تيمورلنك الدولة المغولية المشهورة التي حكمت الهند بين عامي 1526-1857

وعاصرت الدولة الايلخانية والتيمورية دولة المماليك في مصر وسوريا وكان المماليك من سلالة الحرس التركي الخاص بسلاطين الأيوبيين وهم دولتان المماليك البحرية وحكمت من سنة 1250-1390م والمماليك البرجية وحكمت من 1382 إلي سنة 1516م وقد أسس المماليك دولة قوية استطاعت أن تناهض المغول والصليبيين كما جددوا بناء القاهرة وجملوها بكثير من العمائر البديعة.

انتهى الحكم العباسي في بغداد سنة 1258م، عندما أقدم هولاكو خان على نهب وحرق المدينة، وقتل أغلب سكانها بما فيهم الخليفة وأبناؤه، وقد انتقل من بقي على قيد الحياة من بني العباس إلى عدد من المناطق في فارس والجزيرة العربية والشام ومنها القاهرة بعد تدمير بغداد؛ 

العمارة في العصر العباسي:

Exit mobile version